خلال الأيام الماضية، انتشرت عدة أنباء بخصوص انسحاب النيجر من مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء وأنها لم تعد متحمسة لاستكمال الدراسات بخصوصه وهو الأمر الذي استبعده خبير الطاقة الجزائري بلمكي محمد المكي في حديث مقتضب خص به “الجزائر الجديدة“، تطرق فيه للحديث عن أهم “الخاسرون” من المشروع وهم من يحاولون إجهاضه في نفس الوقت.
وقال المُتحدث في المستهل إن “النيجر لن تنسحب من المشروع ومهما اقتضى من وقت ستعيد العلاقات مع الجزائر كما أنها ستعودُ مُضطرة إلى الخيار الجزائري بسبب التعقيدات الكبيرة المطروحة في الخيار الثاني، ومن الأسباب الأخرى التي تجعل انسحاب النيجر صعبا توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدان الثلاثة كما أن الدراسات الخاصة بالمشروع كانت تمضي قدما تمهيدا لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي خلال العام المقبل”.
ولدى تطرقه للحديث عن العقبات التي تعترضُ مسار المشروع المقترح بين نيجيريا والمغرب، قال المتحدث إن “نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر المغرب مُعقد من جميع النواحي لا سيما الناحية الجيوسياسية فالأنبوب سيمر في المياه الإقليمية للعديد من الدول”.
ويُشير الخبير الطاقوي إلى “الصعوبات المالية”، ويقول إنه “من الصعب جدا إيجاد ممولين جادين للمشروع الذي قد تصل كلفته إلى حدود 50 مليار دولار لا سيما وأن العالم يشهدُ اليوم أزمات اقتصادية متعددة وها هي تزداد بشدة مع وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض في أمريكا بزعيمهم دونالد ترامب الذي أطلق حرب تجارية عالمية وهو ما قد يزيد من حدة الأزمة المالية ومنها يصعبُ تمويل المشاريع الكبرى”.
واستحضر المتحدث الصُعوبات من الناحية التقنية، فمن المعروف أن نيجيريا مستعدة لتمويل أوروبا بحوالي 30 مليار متر مكعب سنويًا، فعندما يمر الأنبوب بحوالي 13 أو 14 دولة وكل دولة تأخذ كمية لصالحها من أجل الاستهلاك فهذا سيقلص من نسبة الأرباح والفوائد التي ستجنيها كل من النيجر ونيجيريا، ويضيف قائلا إن “المسافة المقطوعة بالنسبة للمقترح المغربي تصلُ إلى حدود 5600 كلم وخاصة وأن جلها أو كلها بحرية وهو ما يزيد من تعقيد تجسيد المشروع لكن عندما يتعلق نقله عبر الجزائر والنيجر فالمشروع يكون أقرب إلى التجسيد وهو لا يخدم مصالح الكثير من الدول على غرار قطر: فبعد سقوط نظام الأسد وتنسيب الجولاني كرئيس مؤقت لسوريا أصبح تمرير الغاز القطري إلى سوريا الأقرب إلى التجسيد، ويذكر أيضا المتحدث تركيا، ويقول فبعد 22 فيفري واندلاع النزاع المسلح الروسي الأوكراني أصبح مركز نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر السيل التركي والسيل الأزرق وكلاهما عبر البحر الأسود.
وقد نقلت مُؤخرًا وكالة الأناضول الرسمية تصريحات لخبيرة تركية تذكر فيها بأن سقوط بشار الأسد ونظام البعث القائم في سوريا منذ 61 عاما، أعاد إلى الواجهة مشروع “خط الغاز الطبيعي بين قطر وتركيا”، وهُو نفس ما أكده وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، إذ قال إن “استئناف هذا المشروع ممكن بمجرد تتحقيق الاستقرار السياسي في سوريا، مما يعيد الأمل في تعزيز التكامل الإقليمي بقطاع الطاقة.
ومن شأن المشروع الجزائري محاولة الاستفادة من نحو 210.54 تريليون قدم مكعبة هي إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في نيجيريا، حسب أحدث بيانات عام 2025 لدى منصة الطاقة، مقارنةً بـ209.26 تريليون قدم مكعبة المُعلنة عام 2024.
كانت الجزائر قد استضافت اجتماعًا، في 11 فيفري الماضي لمسؤولين من نيجيريا والنيجر، ضمن أعمال الاجتماع الوزاري الرابع للّجنة التوجيهية للمشروع، والتي شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات، بعد تقييم التقدم المُحرَز في تنفيذ خريطة طريق أنبوب الغاز، ودارت المناقشات حينها حول عدّة نقاط أساسية؛ في مقدمتها تحديث دراسة الجدوى، إذ تمّت المصادقة على تعيين مكتب الدراسات “بنسبن” (PENSPEN) لتنفيذ هذه المهمة.
ووُقِّعت اتفاقيات تمويل وتنسيق مهمة من أجل المضي قدمًا في تنفيذ أنبوب الغاز العابر للصحراء، تضمّنت تقاسم الدول الثلاث تكاليف تحديث دراسة الجدوى بالتساوي، مع ضمان تنفيذ المدفوعات بشفافية، كما وقّعت الدول الثلاث اتفاقية عدم الإفصاح لضمان سريّة البيانات والمعلومات المتعلقة بمشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري.
فؤاد ق
