على الرغم من هشاشة نظام المخزن المغربي من حيث الانسجام القبلي والمتجمعي، إلا أن المخزن لم يتورع في العمل من أجل توظيف هذا المعطى في صراع جيرانه، وعلى رأسهم الجزائر، التي كانت آخر هدف له على هذا الصعيد، عندما كشف ممثله الدائم بالأمم المتحدة، عمر هلال، عن دعم نظام المخزن المغربي حركة “الماك” الإرهابية في الجزائر.
ويعتبر النظام العلوي في الرباط الأكثر تضررا في حال توظيف هذه الورقة، لأنه يعاني بالفعل من مطالب سياسية لها علاقة بالنزعة الانفصالية، ويمكن الإشارة هنا إلى الحركة التي تدعو إلى إقامة “جمهورية الريف”، في أقصى الشمال المغربي، وهو مطلب لم ينطلق من فراغ، لأن هذه الجمهورية كانت قائمة بالفعل في عشرينيات القرن الماضي، قبل أن يتحالف ضد الفرنسيون والإسبان مع سلاطين المملكة العلوية للقضاء عليها.
ولم تقتصر محاولات نظام المخزن المغربي استهداف الوحدة الترابية للجزائر، وليدة المناورة الطائشة التي كشف عنها ممثل النظام العلوي بالأمم المتحدة قبل أزيد من ثلاث سنوات، بل تعود على سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، فيما عرف بعملية “كاب سيغلي“، التي أجهضتها الجزائر في مهدها، عندما ألقت القبض على المجموعة الإرهابية التي كانت بصدد نقل شحنة سلاح للقيام بعمليات إرهابية في الداخل الجزائري.
كما لم يتوقف النظام المغربي عند استغلال أي فرصة لضرب استقرار الجزائر ووحدتها الترابية، ويمكن التوقف هنا عند تسعينيات القرن الماضي، عندما استضافت وسلحت ودربت قادة المجموعات الإرهابية التي ولغت في دماء الجزائريين وقتلوا منهم الآلاف ويتموا الأطفال ورملوا النساء.
ويحاول النظام المغربي واهما دفع الشعب المغربي إلى الاعتقاد بأن دعم حركة “الماك” الإرهابية إنما جاءت ردا على دعم الجزائر لجبهة البوليساريو، التي تطالب بإقامة جمهوريتها الخاصة بها في الصحراء الغربية، إلا أن هذه الخدعة سوف لن تنطلي على المغربيين، الذين يدركون أن القضية الصحراوية مسألة تصفية استعمار كما هي مسجلة في الأمم المتحدة منذ عقود، وان الجزائر لم تقم سوى بدعم الصحراويين تماشيا ومبادئها المتمثلة في محاربة الاستعمار اينما كان.
وبقرار نظام المخزن المغربي استهداف الوحدة الترابية للجزائر، من خلال إعلان دعمها لحركة “الماك” الارهابية، يكون قد فتح الجحيم على نفسه، لأن الجزائر التي كانت تضغط على نفسها بقوة لعدم الانجرار وراء استفزازات الرباط التي لم تعد تطاق، باتت اليوم مدفوعة إلى التخلي عن عقيدتها السابقة في التعاطي مع جارتها الغربية المسكونة بهاجس الطموحات التوسعية، التي تفوق حجمها وطاقتها.
ولم يكن قرار الجزائر بدعم مطالب جمهورية الريف إلا بعد أن تجاوز النظام المغربي كل الخطوط الحمراء، بإعلان دعمه لمنظمة “الماك” الإرهابية التي تورطت في حرق منطقة القبائل وتسببت في مقتل ضحايا أبرياء في صائفة 2022، وخسائر فادحة في الممتلكات.
علي.ب