عبر قناة “الوطنية تي في” صرح الأمين العام لحركة النهضة عن مبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لإطلاق مبادرة على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لإيقاف مخطط تصفية القضية الفلسطينية، لأن الشعب الفلسطيني ينظر إلى الجزائر وكأنها الملاذ الوحيد الذي يلجأ إليه بعد التخاذل، مؤكدا من جهة أخرى بأن “النظام المخزني يقوم حاليا بدوري وظيفي لصالح أجندات صهيوني، مشيرا في السياق ذاته إلى أن “الشعب المغربي مغلوب على أمره والدليل على ذلك أن الصهاينة صاروا ينتزعون ممتلكاتهم ويأخذونها فأحياء بأكملها صارت ملك لهم”.
في البداية ما هو تقييمك لقانون الأحزاب؟ وما هي أهم الاقتراحات التي قدمتموها بخصوص هذا القانون؟
لقد رفعنا مُذكرة تتضمن مجموعة من الاقتراحات والملاحظات، كما ثمنا الخطوة لأننا استلمنا نسخة عن المشاريع للإثراء والمناقشة وهذا أسلوب نحبذه ونتمناه أن يستمر، وبالنسبة للمشروع الذي استلمنا لمسنا تضمنه مُؤشرات تبرز بوضوح مخاوف من الانفتاح السياسي إذ نلاحظ أن الإدارة تريد الهيمنة على الأحزاب وهو ما سيدفعها إلى الانكماش والانغلاق على نفسها مثلا المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية يقترحُ تحديد مُدة رئاسة الحزب بعهدتين فقط كل منهما خمس سنوات مع إمكانية التجديد مرة واحدة فقط وهو المبدأ المعمول به في حركة النهضة، لكن من غير المعقول أن يشمل القرار القيادة بأكملها بمعنى أننا سنكون مجبرين على تغيير أعضاء مجالس الشورى الوطنية كل عشرة سنوات وهو أمر مبالغ فيه لأن العمل السياسي ليس توظيف بل قناعات فكرية فالنصال عمل تطوعي.
ومن بين القضايا الأخرى المطروحة أنه لا بد على الأحزاب السياسية أن تشكل لجان وفي بعض الأحيان هذه اللجان تصبح لها ازدواجية في القيادة، وأيضا مما طُرح تشكيل لجان لفك النزاعات وهو الإجراء الذي نعتقد أنه سيغذي النزاعات أكثر، وأيضا يقترح مشروع القانون منع استلام اشتراكات المناضلين نقدًا وهو ما يعني تشكيك في الحزب.
والأمر الذي تمنيناه أن تناقش مشاريع القوانين الناظمة للحياة السياسية دفعة واحدة وهُنا أُشير إلى قانون الأحزاب السياسية، قانون الانتخابات وقانون السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالنظر إلى التداخلات والتقاطعات الموجودة بين الأحزاب الثلاثة.
في خضم هذه التقاطعات التي تحدثتم عنها، ما الذي تحتاجه الممارسة السياسية البناءة لتفعيلها على أرض الواقع؟
الأحزاب السياسية اليوم هي في حاجة ماسة لحرية سياسية حقيقية، إذ لا يمكن ممارسة عمل سياسي وهامش الحرية غير متوفر لا سيما وأن هذه الأخيرة أصبحت تتمتع بنضح كبير، فالتوجس والتخوف من الأحزاب السياسية يقلص هامش الحرية وبالتالي يغيب الابداع، وهناك أمر آخر يجب تسليط الضوء عليه الأحزاب السياسية المعتمدة وحتى يتسنى لها تنظيم نشاط عمومي يجب أن تحصل على ترخيص من الإدارة وهذا أمر غير منطقي لأنها أحزاب معتمدة ونحن نعتبرها عراقيل تنظيمية، والمفروض أن تنظيم الأحزاب السياسية المعروفة والمعتمدة نشاطاتها بالإخطار.
بالحديث عن الأحزاب المجهرية التي لا تظهر ولا تنشط على أرض الواقع حتى في المواعيد السياسية، كيف يمكن تنظيمها وتكييفها مع هذه القوانين؟
الذي يثري ويُفعل الساحة السياسية ليس الإجراء الإداري وإنما في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة والأحزاب التي لها جدوى سياسية واستطاعت أن تثبت فعاليتها تبقى موجودة.
هل من مشاورات أجرتها حركة النهضة مع أحزاب سياسية أخرى حول هذه القوانين؟
في حركة النهضة اعتمدنا على توسيع المشورة إلى أبعد الحدود، إذا تم إرسال النسخة الأولية إلى كل الولايات وتم تنظيم لقاءات ولائية ثم رفعت مقترحاتها إلى القيادة وتم تنظيم يوم دراسي شمل أساتذة وأكاديميين وفي النهاية وانطلاقا من هذه التوصيات حررنا مذكرة نهائية
بالنسبة إلى التنسيق مع أحزاب سياسية أخرى، كانت هناك مبادرة مع مجموعة من الأحزاب السياسية أسبوعين قبل اليوم ودار نقاش عام وتم الاتفاق على أن ينفرد كل حزب سياسي بمقترحاته، وشارك في المشاورات أحزاب من مختلف التيارات والاتجاهات لأن المشروع السالف الذكر يهم مستقبل الساحة السياسية والعمل الخيري، وانعقد اللقاء في مقر حزب الكرامة وحضر اللقاء حوالي 20 حزب سياسي بينها جبهة المستقبل والفجر الجديد و جبهة التحرير الوطني وتم الإمضاء على البيان المشترك.
ما هو موقف الحزب من الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية خلال أدائه اليمين الدستوري؟
هذه خطوة إيجابية نثمنها وكلما كان الحوار كلما تحقق التوافق الوطني من أجل ترتيب الأولويات لا سيما في ظل التحديات المُحيطة بنا والنظام العالمي المتغول الذي يظهر في كل مرة من أجل ترغيب البشرية، ولذلك نقول اليوم أنه لا مناص من تصالح الأنظمة مع شعوبها باعتباره الحل الوحيد الذي يمكننا من تقوية الجبهة الداخلية، لذلك فالحوار مهم جدا.
ماذا عن طبيعته؟
نحن طلبنا تفعيل الحوار وأن يختتم بندوة وطنية وتوصيات يعمل الجميع كل من موقعه على تفعيلها، وترتيب هذه اللقاءات هي من صلاحيات رئيس الجمهورية.
ما هو تقييمكم للسياسة الاقتصادية والاجتماعية المتبعة لتعزيز القدرة الشرائية للمواطن الجزائري؟
في الحقيقة الاقتصاد الجزائري لا زال يحتاج إلى جهد كبير لأننا بدون اقتصاد قوي تبقى السيادة الجزائرية منقوصة، والحمد لله الجزائر تملك المقدرات الاقتصادية الكافية التي تجعلها صاحبة قرار سيادي، لكن ورغم جميع الجهود المبذولة غير أننا لم نصل بعد إلى اقتصاد قوي ومتنوع، ووفقا للأرقام المتوفرة حققنا حاليا 200 مليار دولار وهذا غير كافي بالنظر إلى الجزائر كمساحة جغرافية وككتلة بشرية فنحن نقارب اليوم 50 مليون نسمة، والحساب الأصح هو أننا نقارن بين الناتج الخام للدولة وبدخل الفرد وهو الذي لا زال ضعيفا، والمؤكد ووفقا للنظرة الكلية فالاقتصاد الجزائري لا يزال يحتاج إلى إرادات سياسية قوية ومن يؤمن به.
والمفترض أن يعالج الحوار المرتقب الجانب الاقتصادي للنظر في طرق رفع العراقيل التي تواجه الاقتصاد المحلي فالبيروقراطية لازالت متجذرة والدليل على ذلك الصعوبات التي واجهها الرئيس في العهدة الأولى فالكثير من التراخيص مررها بقوة.
هل تقرون بوجود مقاومة ضد التغيير؟
نحن نعيش هذه المقاومة لا سيما عندما نسمع مواطنًا يقر بالصعوبات التي يواجهونها في الإدارة، ولذلك البيئة الاقتصادية تحتاج إلى جهود أكثر وإلى خطوات أكثر حتى نتمكن من بناء اقتصاد قوي.
كيف ترون القدرة الشرائية للمواطن لا سيما ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم؟
رغم كل ما اتخذ إلا أن الجهود المبذولة غير كافية والدليل على هذا أن الطبقة المتوسطة التي كانت سمك المجتمع في طريقها إلى الزوال، ونتمنى أن يتكرر سيناريو العام الماضي الذي سجلنا فيه وفرة ملحوظة وكلما كانت فيه وفرة كلما انخفضت الأسعار.
بالحديث عن الأوضاع الدولية، أولا ما هو موقفكم من تصريحات ترامب بخصوص تهجير سكان القطاع إلى دول عربية مُجاورة؟ وكيف تحللون هذه الخطوة؟
هذا الموضوع سجب أن يأخذ حقه الكامل من النقاش على جميع المستويات لأن الشعب الفلسطيني منذ 80 عاما وهو يعاني من التهجير والإبادة والظلم وهو نفس ما تعرض له الشعب الجزائري ولذلك نجده اليوم متعاطفا معه، وبالعودة إلى تصريحات ترامب يجب وضعها في السياق الذي جاءت فيه إذ سُجلت عقب الفشل الذي مني به الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة ومخطط التهجير ليس وليد اليوم بل منذ بداية الاحتلال إذ ظهر كفكرة منذ 1970 واليوم ما يُقلق الكيان الصهيوني هو عجزهم عن استئصال المقاومة من جذورها إذ تم استعمال 90 طن من المتفجرات وكل أنواع الأسئلة فالسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ما الذي بقي لأمريكا أن تزيده، واليوم يريد نتنياهو الحصول على جرعة إضافية من ترامب لأن حكومته آيلة للزوال، لكن هذا المخطط يدل على ضعف نتنياهو الذي ـألم كثيرا بسبب الخسائر التي مني بها وهو يريد أن يعالج خسائره بهذا المخطط، والمهم في هذا كله أن تتحمل الدول العربية مسؤوليتها الكاملة فلا يجب أن تتنصل أي دولة من مسؤوليتها اتجاه فلسطين التي يتواجد بها قبلة المسلمين الأولى ولذلك يجب أن تكون الأنظمة العربية في مستوى هذه اللحظة، ولذلك نحن نندد بهذا القرار ونستنكره ويجب أن يكون سقف التنديد والاستنكار بأعلى صوت ليس فقط من الشعوب بل حتى من الأنظمة، وبالمناسبة نحن نحي ونثمن البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية.
ومن هذا المنبر أدعو رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن يطلق مبادرة على مستوى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لأن الشعب الفلسطيني ينظر إلى الجزائر بهذا السند ولأنها الملاذ الذي يلجأ إليه بعد التخاذل الذي لمسه سابقا.
أي دور يجب أن تلعبه الجزائر في خضم هذا الصراع العربي الصهويني؟
السياق الذي جاء فيه تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اتجاه المحتل الصهيوني قد يفهم على غير قصده وقد يستعمل لزعزعة الاستقرار الداخلي وإفساد اللحمة الوطنية، ولذلك وجب التأكيد على أن الجزائر ثابتة على مبادئها اتجاه الشعب الفلسطيني، وبإمكانها أن تلعب دورا مهما لأنها متحررة من الكثير من الضغوطات فهي لا تتلقى مثلا مساعدات مالية من أمريكا، وبإمكانها أن تطلق مبادرة حتى ترفع الحرج.
بعض وسائل الإعلام العبرية تحدثت عن تهجير الفلسطينيين نحو عدة دول ومن بين الدول المذكورة المغرب؟ ما رأيك في هذه التوقعات؟
الأمر الذي أقدم عليه هذا الجار في السنوات الأخيرة هي مصيبة بأتم معنى الكلمة، لان التطبيع لم يكن في 2021 وإنما أعلن عنه في هذه السنة والشعب المغربي يخرج بالآلاف للإعلان عن رفضه للتطبيع وهو مغلوب على أمره والدليل على ذلك أن الصهاينة صاروا ينتزعون ممتلكاتهم ويأخذونها فأحياء بأكملها صارت ملك لهم، ولذلك أصبح النظام المخزني نظام وظيفي يخدم المحتل الصهيوني ولذلك المسؤولية التي تقع على عاتقنا كبيرة جدا لأن الكيان اليوم موجود على حدودنا لا سيما وأنه انتقل من التطبيع السياسي الدبلوماسي إلى التطبيع العسكري ولذلك مجابهته واجبة على مستوى الوعي.
فؤاد ق