تضمن المشروع التمهيدي للقانون العُضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، الذي استملت الأحزاب السياسية نسخة منه ومن المرتقب أن تشرع في نقاشه انطلاقا من اليوم حسب المعلومات التي استسقتها “الجزائر الجديدة” من مصادر قيادية، مجموعة من التعديلات التي تشملُ مُعالجة قضايا التجوال السياسي، وتعزيز دور المرأة والشباب في الحياة السياسية، إضافة إلى تنظيم شروط تأسيس الأحزاب، وضبط التحالفات السياسية، وتحديد عهدة القيادات الحزبية في البلاد.
وجاء المشروع التمهيدي للقانون العُضوي المتعلق بالأحزاب السياسية حسبما ورد في عرض أسباب المشروع الذي نحوز على نسخة منه، لتعزيز مبدأ التعددية السياسة المكرسة دُستوريًا وغثراء الأحكام المُتعلقة بإنشاء الأحزاب السياسية، واعتماد القواعد والمبادئ الديمقراطية في تنظيم الأحزاب وكذا تكريس مبدأ الشفافية في تسيير مالية الأحزاب بغرض مجابهة كل أشكال الفساد في الحياة السياسية.
ويُعالج المشروع ظاهرة التجوال السياسي، التي نجم عنها تخلي بعض المنتخبين خلال عهدتهم الانتخابية عن انتمائهم الحزبي الذي انتخبوا في إطاره ضربًا لمصداقية العمل السياسي، مما استوجب وضع حد نهائي لهذه الممارسات من خلال الأحكام الدستورية الجديدة، التي تمنع من الآن فصاعدًا كل منتخب يمارس عهدته على مستوى إحدى غرفتي البرلمان، تغيير انتمائه السياسي خلال عهدته الانتخابية تحت طائلة شطبه من عُضوية البرلمان، ولقد استلهم هذا المشروع التمهيدي من هذه الأحكام الدستورية من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة منها وذلك بشطب هذا العضو نهائيًا من قوائم الحزب السياسي كإجراء لمجابهة ظاهرة التجوال السياسي.
تحديد نسبة ممثلة للشباب والمرأة
يكرس هذا المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية الحقوق السياسية للمرأة وكذا الشباب تطبيقا لأحكام الدستور، حيث يُلزم الحزب السياسي بتحديد نسبة ممثلة من النساء والشباب داخل مختلف الأجهزة والهياكل وإدراجها في القانون الأساسي.
أحكام جديدة لإنشاء الأحزاب
وجاء المشروع الجديد بأحكام جديدة لإنشاء الأحزاب السياسية، تتعلق أولا بدراسة الملف المتعلق بطلب تأسيس واعتماد الحزب وتمديد آجال الدراسة، إذ تنص هذه الأحكام على إمكانية طلب الإدارة لأي وثيقة ثبوتية ضرورية لاستكمال دراسة ملف طلب التأسيس أو ملف طلب الاعتماد، أو طلب استبدال أي عضو في الحزب لا يستوفي الشروط المطلوبة، على إثر ذلك تمدد الآجال القانونية المرتبطة بدراسة هذيم الملفين بثلاثين يوما من تاريخ إيداعهما وذلك حتى يتسنى للإدارة البث فيها خلال الآجال المحددة قانونا والملزمة باحترامهما.
توسيع تمثيل الولايات خلال انعقاد المؤتمر الاستثنائي
قام المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية بتعديل نسبة تمثيل الولايات في المؤتمر، بهدف تدارك الثغرة الموجودة في القانون الساري المفعول. حيث كان يشترط أن يضم المؤتمر التأسيسي ما لا يقل عن أربعمائة (400) مؤتمر، منحدرين من ثلث (1/3) عدد الولايات على الأقل، مع تحديد الحد الأدنى لتمثيل كل ولاية بستة عشر (16) مؤتمرا، ولتوسيع التمثيل وتحقيق الحد الأدنى لعدد المؤتمرين يُشترط أن يُمثل المؤتمر على الأقل خمس وعشرون ولاية، وبناءً على ذلك، تمّ تعديل النسبة لتكون 50% من عدد الولايات على الأقل، بما يتناسب مع الواقع التنظيمي.
محاضر انتخاب المندوبين على مستوى الولايات
كما نصّت الأحكام الجديدة على ضرورة حضور محضر قضائي لعملية انتخاب المؤتمرين في كل ولاية حتى تتمكن الإدارة من التحقق من استيفاء النصاب القانوني للمؤتمرين على مستوى كل ولاية معنية، يحرر المحضر القضائي محاضر بحيث يتم إدراجها كوثيقة يتضمنها ملف طلب الاعتماد.
وفي خضمّ تعزيز المبادئ الديمقراطية في تنظيم المكوّنات السياسية في البلاد، ألزم المشروع التمهيدي الأحزاب باعتماد أسلوب الانتخاب الديمقراطي لتقلّد المسؤوليات في الهياكل الحزبية، والاعتماد على مبدأ التداول الديمقراطي في تنظيم الحزب وتسييره، كما تمّ التأكيد على أنّ “أجهزة الحزب تُنتخب لمدة خمس (5) سنوات كحد أقصى، مع إمكانية تجديدها مرة واحدة فقط“، وتشترط أحكام هذا المشروع اعتماد الحزب السياسي على لجان وطنية من أجل تنظيم فعال له وسير حسن لنشاطه وفقا للقواعد الديمقراطية حيث تتمثل هذه اللجان فيما يلي: لجنة استشارية: تتولى الإدلاء بالآراء والاقتراحات الممكنة بشأن أية مسألة تهم الحزب، لجنة الانتخابات تتولى كافة المسائل المتعلقة بمشاركة الحزب في الاستشارات الانتخابية كما تقترح تقديم الترشيحات للانتخابات، أما لجنة التكوين فتسهر على إبراز الدور الجوهري للحزب السياسي في الحياة السياسية والذي يكمن في تكوين مناضليه وتحضيرهم لتولي المسؤولية وكذا تقريبهم من المواطن من أجل تأطيره وحثه على المشاركة في الحياة السياسية والانخراط في صفوفه.
أما اللجنة الأخيرة فهي لجنة تسوية النزاعات الداخلية التي تتولى النظر في المسائل المتعلقة بالصراعات الداخلية التي تُشكل هاجسًا حقيقيًا للحزب السياسي لان هذه الأخيرة قد تؤدي إلى توقفه عن النشاط وانسداده حيث ستضطلع هذه اللجنة بتقدير أسباب النزاع ودوافعه والأطراف المتنازع فيما بينها من أجل حلها دون اللجوء إلى الإدارة مما سيجعل هذه الأخيرة في منأى من بعض المحاولات الرامية إلى إدخالها في الشؤون الداخلية للأحزاب.
أما من حيث التغييرات التنظيمي داخل الأحزاب السياسية، حدد هذا المشروع الكفيات المتعلقة بإيداع الملف المتعلق بالتغييرات التنظيمية واستكماله لدى الوزير المكلف بالداخلية الذي يصدر قرار المطابقة في حال اعتماد التغييرات أما في حالة عدم اعتماد التغييرات فإن الأحكام الجديدة تمنح للحزب السياسي مهلة للامتثال للمطابقة وفي السياق ذاته يكون قرار الرفض قابلا للطعن أمام القضاء، وهو ما يعد ضمانة قانونية لصالح الحزب لحماية حقوقه ومصالحه وعليه أدرجت كافة الأحكام ضمن هذا المشروع التمهيدي لصالح الحزب السياسي بهدف تفادي حالة الانسداد التي قد تنجم عن عدم اعتماد التغييرات التي طرأت على مستوى أجهزته.
من حيث تشكيل التحالفات السياسية والاندماجات
لتنظيم الحياة السياسية وتعزيز دور الأحزاب مِن خلال منحها حرية أكبر في تشكيل تحالفات مع أحزاب أخرى، بما يتماشى مع التنوع السياسي. كما يضع النص ضوابط واضحة ليضمن مشاركتها المستمرة في الحياة السياسية، وعليه أتاح النصّ الجديد للأحزاب السياسية حرية تشكيل تحالفات سياسية مع أحزاب أخرى لأهداف محدّدة، بشرط التصريح بها لدى الوزير المكلف بالداخلية.
كما كرّس المشروع حرية اندماج الأحزاب السياسية، بينما بخصوص حلّ الحزب السياسي، تمت مراجعة الأحكام بحيث يمكن ذلك عبر القضاء إذا لم يقدّم مترشحين في أربع انتخابات تشريعية ومحلية متتالية، ووفقًا للنص الجديد، يحقّ لوزير الداخلية إخطار العدالة لحلّ الحزب الذي لم يقدم مترشحين في موعدين انتخابيين متتاليين.
تمويل الأحزاب السياسية
ينص هذا المشروع التمهيدي على مبدأ الرقابة المالية على هذه التشكيلات، وفيما يتعلق بالتمويل العمومي فقد تم إحالته إلى نص قانوني طبقًا للأحكام الدستورية.
توقيف نشاط حزب سياسي
وتسمح الأحكام الجديدة الواردة ضمن مشروع هذا القانون العضوي بتوقيف نشاط حزب سياسي وتوجيه إعذار له من أجل تسوية وضعيته وهذا في إحدى الحالات الآتية: عدم ممارسته لنشاطاته التنظيمية وفق ما تفتضيه أحكام قانونه الأساسي أو ممارستها بعد انقضاء مدة عهدة أجهزته الوطنية، ونشوب نزاع بين أعضائه أدى إلى تعطيل نشاط الحزب مخالفة الأحكام المتعلقة بالتبليغ عن التغييرات التنظيمية الواردة ضمن مشروع هذا القانون العضوي.
حل الحزب السياسي
فيما يتعلق بهذا الجانب، فقد تمت مراجعة الأحكام التي تنص على أنه يمكن حل الحزب السياسي عن طريق القضاء في حالة ما إذا لم يقدم مترشحين لأربعة انتخابات تشريعية ومحليو متتالية، بحيث يمكن للوزير المكلف بالداخلية في ظل هذا المشروع التمهيدي الجديد، إخطار العدالة من أجل حل الحزب السياسي الذي لم يقدم مترشحين لموعدين انتخابيين متتاليين.
هذه الأحكام من شأنها أن تحث الأحزاب السياسية على المشاركة في مختلف الاستشارات الانتخابية وهو ما يستدعي مراجعة طريقة عملها من أجل التقرب من المواطنين واستطاب قاعدة نضالية وشعبية من خلال التعريق ببرامجها السياسية والبروز على الساحة السياسية.
فؤاد ق