تواصلت موجة الحرائق التي اندلعت مساء الأحد بعديد ولايات الوطن بنفس التوقيت تقريبًا، مخلفة خسائر بشرية كبيرة، وأدت لإجلاء المئات من العائلات، ناهيك عن الخسائر البيئة والمادية الفادحة.
وارتفعت حصيلة وفيات حرائق الغابات، أمس الأربعاء، إلى 65 على الأقل على المستوى الوطني منهم 37 مدنيا و 28 عسكريا.
وكشفت ذات الحصيلة عن إصابة 12 عسكريا بجروح خطيرة. وقد سجلت أكبر حصيلة للضحايا بولاية تيزي وزو
ولا يزالُ الوضع مُلتهبًا بالعديد من الولايات حيث سجلت مصالح الحماية المدنية خلال 24 ساعة الأخيرة اندلاع 99 حريق غابة على مستوى 14 ولاية صبيحة أمس، وتوزعت الحرائق التي تم تسجيلها كالآتي: “تيزي وزو بـ 24 حريق، ولاية الطارف 15 حريقا، ولاية بجاية 08 حرائق، ولاية جيجل 06 حرائق، ولاية عنابة 03 حرائق، وحريقان في كل من ولايات سكيكدة، سطيف، البليدة، سوق أهراس، وحريق عبر ولايات المدية، تبسة، البويرة وولاية قالمة”.
وجاءت ولاية تيزي وزو على رأس الولايات الأكثر تضرُرًا بـ 24 حريق عبر 17 بلدية وهي كل من عين الحمام بوزقن، عزازقة، الأربعاء نثي راثن، تيقزيرت، واسيف، ذراع الميزان، أزفون، بني دوالة، تيزي وزو، بني يني، مقطع، إعكوران، ماكلة، واضية، وحسب الحصيلة الأولية فقد أتلفت ألسنة النيران 23 ألف هكتار من المساحة الغابية بالولاية.
وعاش سُكان البلديات المُتضررة، بولاية تيزي وزو ليلة سوداء أخرى الثلاثاء إلى الأربعاء، وهم يواجهون النيران التي تمتد إلى مساكنهم، وأجبرت المئات على الهروب واللجوء إلى أماكن آمنة.
وما زاد من معاناتهم انقطاع التيار الكهربائي وحتى شبكات الهاتف النقال فقد شهدت تذبذبًا كبيرًا بينما اعتكف سكان القرى التي لم تصلها ألسنة اللهب داخل منازلهم بسبب الدخان الكثيف الذي حبس الأنفاس وأسال الدُموع من العيون إضافة إلى درجات الحرارة المُرتفعة، إذ بلغت وحسبما ورد في نشرية خاصة لمصالح الأرصاد الجوية، مُستويات قياسية تعدت 48 درجة مئوية تحت الظل.
وقضى أعوان الحماية المدنية وأفراد الجيش الوطني الشعبي وأعوان محافظة الغابات، ليلة أخرى بيضاء للسيطرة على النيران التي تم إخماد بعضها بينما لاتزال أخرى مستمرة في إيلولة أمالو إحدى بلديات دائرة بوزغن، وفي بعض قرى عين الحمام والأربعاء ناث إيراثن وبني دوالة ، بينما لم يبارح الكثير المواطنين مسرح الحرائق وعكفوا على تقديم يد المساعدة لفرق الإطفاء التابعين للحماية المدنية والمدعومين بفرق من محافظة الغابات بالولاية، فيما سارع آخرون لإفراغ الإصطبلات من الأبقار والأغنام ونقلها إلى أماكن بعيدة خوفا من امتداد ألسنة اللهب إليها.
كما تبرع مواطنون آخرون بالتنسيق مع مصالح البلديات المُتضررة بصهاريج المياه لمساعدة رجال الإطفاء على إخماد النيران التي امتدت ليلاً إلى منطقة أزرو ثاورارين بعين الحمام بولاية تيزي وزو، تسببت في إبادة عائلة بأكملها مكونة من 5 أفراد، إثر انفجار محطة بنزين، وحسبما تداولهُ شهود عيان فإن العائلة كانت في السيارة لحظة انفجار محطة البنزين حيث كانت تستعدُ للهروب من الحرائق التي حلت بالمنطقة السكنية.
وحاصرت ألسنة اللهب أيضًا مُستشفى عين الحمام بميشلي في تيزي وزو، وأجبرت إدارة المُستشفى على تحويل المرضى من مصلحتي طب الأطفال وأمراض الكلى اللتين تضررتا كثيرًا بعدما وصلت النيران إليهما.
ومن أبرز المشاهد التي خلَفت صدمة كبيرة لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورة الشقيقتان اللتان تم العثور عليهما متوفيتان وهما تعانقان هربا الحرائق التي اندلعت بقريتهما “إخليجن” الأربعاء ناث ايراثن بولاية تيزي وزو، وقد عُثر على الشابتين “سارة” و “جوهر” متفحمتان ومتشبثتان بجثة والدتهما التي توفيت اختناقا جراء استنشاقها لدخان الحرائق.
وبولاية سطيف أتلفت النيران المندلعة خلال اليومين الماضيين مساحات غابية وأدغال و حشائش قدرت بحوالي 71 هكتارا بمناطق متفرقة، وحسبما كشفهُ المكلف بالإعلام والاتصال بمديرية الحماية المدنية النقيب أحمد لعمامرة، فإن الحرائق الـ5 التي نشبت خلال 48 ساعة الأخيرة مست عدة بلديات على غرار عين السبت وعين الروى وعين الكبيرة وقجال وبوسلام، في حين تم إخماد كل الحرائق، فيما ستتواصل عملية الحراسة للتأكد من عدم نشوب بعض المواقد.
وخلف الحريق الذي نشب بمشتة العظامة ببلدية عين السبت وانتشر إلى مشاتي مجاورة بالمنطقة كنويدرة وزنقروط والكاف لحمر والخلافة إتلاف 40 هكتارا من أشجار الصنوبر الحلبي والأحراش والبلوط الفليني والحشائش بالإضافة إلى 300 شجرة زيتون و2500 حزمة تبن و 50 صندوق نحل.
وتسبب هذا الحريق في وفاة شخص في 86 من عُمره مُتأثرًا بالدخان الكثيف والحروق التي مست جميع أجزاء جسده، كما أتلفت 22 هكتار من الحشائش والأحراش وأشجار البلوط الأخضر بغابة تيقنطوشت التابعة لبلدية بوسلام و 9 هكتارات أخرى من الأدغال والحشائش والأحراش بكل من دوار الراعي التابعة لبلدية عين الكبيرة و دوار عين الحمامة الواقعة ببلدية عين الروى.
كما أتلفت مساحة مقدرة ب 131,5 هكتار من المساحات الغابية خلال الفترة الممتدة بين 1 جوان و 31 جويلية الأخير جراء نشوب 91 حريق بمناطق متفرقة بولاية سطيف.
وفي بجاية أكد النقيب لطرش حكيم، المكلف بالإعلام لدى مديرية الحماية المدنية بالولاية أن وضعية الحرائق التي تشهدها الولاية منذ الإثنين الماضي “مقلقة”.
وأوضح ذات المتحدث أنه “إلى غاية الثلاثاء، الوضعية كان متحكم فيها نوعا ما لكن مع بؤر الحرائق التي سجلت صباح أمس الاربعاء عبر مختلف البلديات، أجبرنا على تفريق قواتنا مما جعل الوضع مقلقا”.
ولمواجهة الوضع، استدعت الحماية المدنية ببجاية مجموع أعوانها بالإضافة إلى الدعم الذي أرسل من ولاية جيجل والمواطنين وتجنيد مصالح أخرى تابعة للدولة.
وكشفت الإذاعة الجهوية لولاية بجاية أن 67 حريقا سجل على مستوى عديد بلديات الولاية خلال 48 ساعة الأخيرة، وأعلنت عن أنه تم إخماد 55 حريقا بينما تواصل مصالح الحماية المدنية إطفاء 12 حريقا آخر
وأوضحت أنه من بين الحرائق المندلعة هناك 9 حرائق ذات خطورة كبيرة في كل من تيزي أوغني، إخطابن، تيزرارين، أخام أوجهلي، مشوة في أدكار، إغيل البرج، أيت بيمون، القصر، تسكريوت، أغبالو، تيشي.
وبخصوص الخسائر التي تسببت فيها الحرائق، أشار النقيب لطرش إلى أنه “رغم الخسائر الكبيرة في الغطاء النباتي، إلا أنه لم تسجل أية خسائر بشرية لحد الآن”.
وبولاية البليدة كشفت مديرية الحماية المدنية لولاية البليدة عن نشوب حرائق متفرقة على مستوى غابات البليدة، وأوضحت خلية الاتصال والإعلام بمديرية الحماية المدنية بالبليدة في بيان لها أمس أن 3 حرائق اندلعت في كل من بلدية الشفة، بلدية الصوحان وبلدية الجبابرة، كما أكد ذات المصدر أن عملية إخماد النيران بمنطقة عين الرمانة ما تزال متواصلة.
فؤاد ق/ ح سفيان