في تأمل لتوجيهات الأخيرة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بشأن تعزيز الرقمنة و خصوصا ما جاء في بيان مجلس الوزراء الأخير، يبرز تساؤل أساسي: هل يمكن أن تكون الرقمنة مفتاحًا لتحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية؟ و هل أصبح تطوير الأنظمة الرقمية ضرورة لا غنى عنها، خصوصًا فيما يتعلق بتوجيه الدعم الاجتماعي وسياسات الأجور.
الواقع الحالي يكشف عن عجز كبير في الوصول إلى قاعدة بيانات دقيقة تمكّن من توجيه الدعم بشكل عادل. كيف يمكن أن نحقق عدالة اجتماعية دون إحصائيات دقيقة وبنك معلومات يشمل جميع المواطنين؟ عدم التصريح بالعمالة والمداخيل الحقيقية يمثل أحد أبرز المعوقات. الكثير من العاطلين عن العمل لا يُحتسبون كذلك، لأنهم ببساطة غير مسجلين في الضمان الاجتماعي أو مصلحة الضرائب.
المفارقة تكمن في أن هناك الآلاف من العاملين غير مصرح بهم، ويحققون مداخيل تفوق بكثير الرواتب الحكومية. وفي الوقت نفسه، كثير من العاملين في القطاع الخاص يُصرح عنهم بحد الأدنى للأجور رغم أنهم يتقاضون فعليًا أكثر من ذلك. كما أن العديد من التجار يخفون حجم أعمالهم الحقيقي، مما يتيح لهم أحيانًا الاستفادة من الدعم دون استحقاق.
هل يمكننا تحقيق توزيع منصف للثروة في ظل غياب نظام معلوماتي دقيق؟ الدول المتقدمة تعتمد على أنظمة تحليلية متطورة تتيح رؤى واضحة للواقع الاقتصادي، مما يمكّنها من اتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة.
إعادة هيكلة أنظمة الدعم تبدو ضرورة ملحة، لكن السؤال الأهم يبقى: كيف نصل إلى معلومات موثوقة ودقيقة تضمن العدالة في توزيع الموارد؟
احمد درويش