انطلقت، يوم الإثنين 9 ديسمبر بفندق الأوراسي، فعاليات الملتقى الدولي “السينما والذاكرة نافذة على الماضي ورؤية للمستقبل”، الذي يعقد تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في إطار الاحتفالات بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية. تمتد فعاليات الملتقى من 9 إلى 11 ديسمبر، بمشاركة ممثلين عن 16 دولة من أوروبا، أمريكا، آسيا، وإفريقيا.
افتتح الحفل بعزف النشيد الوطني من توقيع الأوركسترا السيمفونية لأوبرا الجزائر التي كانت حاضرة، والتي أبدعت في تقديم موسيقى تصويرية لأربعة أفلام خالدة هي “أولاد نوفمبر”، “الحريق”، “معركة الجزائر”، و”بوعمامة”. بعد ذلك، استعرض جمال يحياوي البرنامج المفصل للتظاهرة، الذي يركز على ستة محاور رئيسية.
يُنظم هذا الملتقى من طرف المركز الجزائري لتطوير السينما “cnca” بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون، بحضور شخصيات بارزة من بينها رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، المجاهد والوزير الأسبق دحو ولد قابلية، ورئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني نور الدين بن براهم، إلى جانب المدير العام لمؤسسة التلفزيون الجزائري محمد بغالي، وعدد من المجاهدين، الإطارات، الفنانين، والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين. كما شارك في الملتقى طلبة من فلسطين، الصحراء الغربية، وبعض الدول الإفريقية الشقيقة.
شهد الحفل تكريم نخبة من الشخصيات الجزائرية البارزة في مجال السينما الثورية، منهم المخرجون الراحلون عمار العسكري والطاهر حناش، حيث حضرت ابنته صوريا حناش، وبن عمر بختي، ممثلة بأرملته نادية طالبي، بالإضافة إلى تكريم خاص للمخرجين أحمد راشدي ورشيد بوشارب. شمل التكريم أيضًا سينمائيين أجانب ساهموا بأعمالهم في دعم الثورة الجزائرية، مثل المصور الصربي ستيبان لابيدوفيتش، المخرج الفرنسي روني فوتيه، المخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو، والمخرج الكوبي ميلتون ألبيرتو دياز كانتر، وقد حضر بعض أفراد عائلاتهم هذا الحدث تكريمًا لإسهاماتهم الفنية.
كما تخلل الحفل عرض فيلم وثائقي بصوت نبيل حمداش، يتناول موضوع الملتقى، بمشاركة المخرجين عمار تريباش، مؤنس حمار، وأندريا دناردو، والمؤرخ محمد لحسن زغيدي.
زهير بللو : السينما أداة لتشكيل الهوية والذاكرة الجماعية
وفي كلمته الإفتتاحية أكد زهير بللو على أهمية السينما كأداة لتشكيل الهوية والذاكرة الجماعية، مشيرًا إلى دورها التاريخي في تجسيد النضالات الكبرى ونقل الأحداث التاريخية، خاصة في سياق “سينما المقاومة”، التي كانت وسيلة فعالة لتوثيق الثورة الجزائرية وكشف جرائم الاستعمار. وأشاد بدور السينما الجزائرية التي نشأت من رحم المقاومة، حيث ألهمت رواد السينما محليًا ودوليًا لإنتاج أعمال خالدة تجسد بطولات الشعب الجزائري، مبرزًا أمثلة مثل محمد الأخضر حمينة وروني فوتيي.
كما شدد على أن الحفاظ على الذاكرة يتطلب استثمار التطور التكنولوجي الحالي، خاصة في ظل الحروب المعاصرة التي تستهدف الوعي والذاكرة باستخدام السينما كأداة للتزييف، مستشهداً بالدعاية الصهيونية حول الهولوكوست. وأكد على ضرورة تطوير الصناعة السينمائية الجزائرية لتعزيز دورها الثقافي والتاريخي، مشيرًا إلى توجيهات رئيس الجمهورية بدعم القطاع عبر تمويل المشاريع السينمائية، استقطاب الكفاءات الوطنية، وبناء بنى تحتية متطورة كمدن سينمائية واستوديوهات.
في ختام كلمته، دعا الوزير إلى تثمين “سينما المقاومة” لدورها المحوري في خدمة القضايا العادلة وتعزيز الوعي الجماعي، مؤكدًا على أهمية استمرار السينما كرافد ثقافي يحمي الذاكرة الوطنية، وداعيًا الفنانين والمثقفين للمساهمة في بناء الجزائر الجديدة بأفكار مبتكرة وإبداعية.
شهدت التظاهرة السينمائية التاريخية، تنظيم معرض مميز يضم مجموعة من التجهيزات والعتاد السينمائي الذي يُعد جزءًا من التراث السينمائي الجزائري، ما يعكس تطور وتاريخ هذه السينما العريقة. كما تضمن البرنامج عرض شريط وثائقي يستعرض مسار السينما الجزائرية وتاريخها، إلى جانب تقديم مقاطع موسيقية لأبرز الأفلام التاريخية الجزائرية، أبدع في أدائها الجوق السيمفوني لأوبرا الجزائر.