ترى الباحثة في علم الاجتماع و المحللة في مجال الأمن و الدفاع لشمال غرب إفريقيا عايدة عمور أن الفكر الوهابي أدى إلى “تفكك عقائدي متنامي” للإسلام في إفريقيا، و تشكل أرضا خصبة لازدهار “الفكر السلفي” و المنظمات الاسلاموية المسلحة في إفريقيا.
و أكدت الباحثة في تقرير نشره المركز الفرنسي للبحث و الاستعلام أن الفكر الوهابي أدى إلى “تنامي التفكك العقائدي” للإسلام في إفريقيا الذي يهدف إلى طمس الممارسات الدينية المتوارثة، و هو يشكل اليوم أرضا خصبة “لازدهار الفكر السلفي و الجهاد المسلح الذي يهدم المجتمعات الإفريقية و يصدر ما وراء الحدود”.
و تشير الباحثة في هذا الإطار إلى الفترة التي بدأ فيها انتشار الوهابية في إفريقيا في سنوات الستينات و كذا ظهور التعددية السياسية في التسعينيات في العديد من الدول الإفريقية، الأمر الذي سمح بتعزيز “هذه الهجمة الإيديولوجية التي استهدفت القارة”.
و ذكرت الباحثة كيف جمعت المنظمات غير الحكومية و الدولية و المؤسسات التي سوقت للفكر الوهابي بين الدعوة و العمل الاجتماعي و الإنساني، حيث “احتلت القارة الإفريقية ماليا و فكريا -غالبا بتواطؤ من الدول- بغية فرض تفسيرهم المتشدد للإسلام”.
و جاء في التقرير أن “إستراتيجية التأثير المتواصل” المنتهية خلال عشرات السنوات تهدف إلى “هدم قواعد الحكم التقليدية في إسلام إفريقيا و مكافحة رواد المذاهب الصوفية و طمس الممارسات الدينية المتوارثة”. و استشهدت في طرحها بمثال عن “أتباع الفكر الوهابي الجدد في إفريقيا الذين تلقوا تكوينا في جامعات الخليج و الذين يتعارضون مع الزوايا من اجل إخضاع الفضاء العام (…)”.
و أضافت أن “هذا ما أدى إلى تفكك عقائدي متنامي للإسلام في إفريقيا و الذي يتجلى في انتشار الجماعات التي تعتقد بتفاسير انتقائية للمبادئ الدينية”.
و حسبما ورد في التقرير فإن الجماعات الإٍرهابية المتواجدة في الساحل و شمال غرب إفريقيا تستفيد من “محيط مشبع بالإيديولوجية الوهابية حيث عم التشدد الديني طيلة عقود”.
و بعد أن شرحت أصل الوهابية توضح الكاتبة أن انتشار هذا الفكر انطلاقا من العربية السعودية يعود إلى فترة الستينات بهدف التصدي لتأثير النزعة العربية الوطنية التي كانت الأنظمة الملكية تعتبرها بمثابة تهديد. كما كان انتشارها يهدف لمواجهة التيارات الاصلاحية التي طبعت تاريخ الاسلام المعاصر.
و بالنسبة للورانس عايدة عمور فان العقيدة الوهابية كانت لها ثلاث انعكاسات كبيرة تتمثل في “المبالغة في إضفاء طابع التدين على الهوية الإسلامية و إرساء التزام متطرف متنامي في العادات اليومية للعديد من المجتمعات الإفريقية، موازاة مع تفكك الإسلام إلى مجموعات مختلفة و مجموعات فرعية و طوائف سيما في افريقيا تدعي في مجملها الإسلام الأصلي”.
و تكشف المحللة في الشؤون الأمنية و الدفاع لشمال-غرب افريقيا ثلاث أمثلة عن توغل الوهابية في افريقيا: في مالي و النيجر و نيجيريا و غينيا.
في فصل كرس للمجالات التي يتجلى فيها تأثير الوهابية بامتياز تذكر المؤلفة أساسا التربية “بحد ذاتها حيث كونت الجامعة الإسلامية أكثر من 46.000 شخص من 170 جنسية مختلفة”، مشيرة أيضا إلى “استراتيجية” تقديم المنح الدراسية. و يتناول التقرير “الترويج الكتابي و الرقمي و الإعلامي و أشكال الدعم المحلي”.
لورانس عايدة عمور مختصة في علم الاجتماع و محللة للشؤون الأمنية و الدفاع لمنطقة شمال-غرب إفريقيا و هي عضو مشارك في مركز الدراسات الإستراتيجية لإفريقيا (واشنطن) و مجموعة التحليل مجلس-جي.أف-سي (فرنسا) و عضو في مجموعة مركز الدراسات العليا في الدفاع و الأمن (داكار).
و عملت المؤلفة بقسم البحث لكلية دفاع منظمة حلف شمال الأطلسي بروما و درّست بجامعتي نواكشوط و اسطنبول. علاوة على المقالات و تقارير البحث تعد لورانس عايدة عمور مؤلفين: الجزائر أرض اللقاءات (مع لوسي بروفوست سنة 2009) و “سأعود إلى تمبكتو: شهادة قائد طوارق (مع شندوك ولد نجيم و جان لوك بيدوزي 2013).
م.ب