في حشد واسع من مختلف الدول العربية ودول أجنبية أخرى، تنعقد الندوة الدولية السادسة لدعم حق شعب الصحراء الغربية في المقاومة، ، التي تنظمها “اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي”، تجديدا للعهد بدعم نضال الشعب الصحراوي، من أجل الحصول على حقه في تقرير مصيره، في استفتاء حر ونزيه تشرف عليه الأمم المتحدة.
يتحدث الصحراويون – باعتزاز – عن إثمار جهودهم في استصدار قرارات من مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، ومن الاتحاد الأفريقي – الذي قاطعه المغرب سنوات، ثم عاد إليه مؤخرا – والاتحاد الأوروبي الذي جمد عمل شركات فرنسية، في استخراج الفوسفات الصحراوي الجيد وتصديره، في سياق نضالهم المستمر، لكنهم يشعرون بحالة إحباط للتلكؤ في تنفيذ قرار تنظيم استفتاء حق تقرير المصير، بسبب معارضة المغرب ذلك، وإن كان هناك – في نظرهم – بصيص أمل، يتمثل في الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الحالي (الرئيس الألماني السابق) هورست كولر – في جولته الأولى العام الماضي، فور توليه مهام منصبه الجديد – بزيارة كل من المغرب والجزائر وموريتانيا، ثم زيارة مخيمات النازحين الصحراويين – البالغ عددهم نحو مئتي ألف – في منطقة تندوف (جنوب غرب الجزائر) لاستكمال صورة الموقف على أرض الواقع.
النقطة المهمة هنا، تتعلق بسؤال بسيط، هو: لماذا يعجز العرب عن حل مشكلاتهم بأنفسهم؟ ولماذا يصل الأمر إلى حد تدويل القضايا العربية؟ ويفرض تدخل دول أجنبية في خلافات العرب؟ ويرتبط هذا السؤال، بحقيقة أنه إذا كانت سياسات الدول تحددها مصالحها، وتحركاتها تستهدف – في المقام الأول – تحقيق تلك المصالح، فلماذا تفترض الأطراف العربية، أن التدخل الدولي يمكن أن يؤدي إلى حل يحقق مصالح أطراف النزاعات العربية؟ ويستتبع ذلك سؤال آخر، بشأن ما إذا كانت اختصاصات المبعوث الدولي، تتحدد في كونه وسيطا فقط، ومن ثم لا يستطيع التحرك بأكثر مما يسمح به الوفاق بين أطراف النزاع، أو أنه مبعوث مفوض للتوصل إلى رؤية حل، يمكن تبريرها على أسس سياسية أو اقتصادية أو إنسانية – أو على أسس تجمع كل هذه الاعتبارات – يقدمها إلى جهة قرار مثل مجلس الأمن أو محكمة عدل أوروبية أو دولية، تبحث مضمونها، وتتخذ قرارا بفرض ما تراه عدلا وحقا.
يبدو أن العرب لم يتعلموا من خبرة التعامل مبعوثين دوليين بشأن القضية الفلسطينية، والأوضاع في سورية وليبيا واليمن، التي لم تؤد إلى نتيجة على مدى عقود مضت، ولم يفكروا في تفعيل جهاز فض المنازعات العربية – التابع لجامعة الدول العربية – أو جهاز محكمة عدل عربية، تتسم قراراته بإلزامية التنفيذ. وإذا كان العرب فشلوا في ذلك، فكيف يمكن لهم أن يعتقدوا في فعالية تدخل دولي، أمره مشكوك فيه أساسا.
ومن الغريب أن المغرب يرى أن انسحاب الاحتلال الإسباني من الصحراء، كان تواطؤا ضده، وكأن استمرار الاحتلال الإسباني لهذه الأرض العربية، كان مريحا له. ويطرح ذلك سؤالا آخر، عما إذا كان المغرب استنهض الشعب الصحراوي، في حركة مقاومة – بدعم مغربي – لكن ذلك لم يحدث، وإنما قبل المغرب نظام إدارة مشتركة للمنطقة، واعتبر نفسه الوريث الوحيد لها، بعد انسحاب إسبانيا عام 1975، ودخل في حرب مع موريتانيا بشأن السيادة على الصحراء، وعندما أوقفت موريتانيا الحرب عام 1979، اعتبر المغرب أنه صاحب السيادة الوحيد، دون مراعاة لتطلعات الصحراويين، أو حتى بترغيبهم في الانضمام إلى المغرب، اعتمادا على مشروعات تنمية، وتطوير أجهزة الإدارة وخدمات التعليم والصحة. وفي غياب ذلك، أسس الصحراويون جبهة “البوليزاريو”، وأقرت الأمم المتحدة حق تقرير المصير.
يحسن المغرب صنعا لو أنه أقر بتنفيذ قرار استفتاء الشعب الصحراوي لكي يقرر مصيره، وربما يساعد في ذلك أن يدرس المغرب الأسباب التي دفعت الصحراويون، لرفض الانضواء تحت سلطته، وما إذا كان يمكنه تعديل مواقفه، من أجل تهيئة الأجواء لعلاقات أفضل في المغرب العربي، أيا كانت نتيجة الاستفتاء. ويشترط لذلك أن تحسم الأمم المتحدة بشأن تنظيم الاستفتاء.
وحتى يتم ذلك، سيظل الوضع في الصحراء الغربية معلقا ومأزوما. وسيواصل الشعب الصحراوي جهوده لإبقاء قضيته على جدول أعمال المحافل الدولية لحل المنازعات. والغائب الوحيد هو الموقف العربي.
ا.عبدالله حموده