يعتبر القطاع المنجمي من القطاعات الكبرى والمستقطبة لاستثمارات ضخمة لما لها من مساهمة كبيرة في مجالات عدة كتعزيز الصادرات، وفرص العمل، وتطوير البنية الأساسية لاسيما في المناطق الريفية، ونقل التكنولوجيا، فقطاع التعدين يشكل المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية لدى معظم دول العالم، ونظرا لهذا الدور الريادي والمركزي للنشاط المنجمي في الجزائر، أسدى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون أول أمس الأحد في اجتماع الوزراء، تعليمات وتوجيهات بإدخال التقنيات التكنولوجية والحلول العلمية وإبعاد كل ما هو بيروقراطي في عمليات البحث والاستغلال، فالأهمية الخاصة التي يكتسيها النشاط المنجمي بالنسبة للدولة والتي تقتضي توفير وسائل حديثة لتطوير ومراقبة هذا النشاط الحيوي، دفع السلطات العليا بالبلاد إلى العمل على إعداد تصور شامل حول أنجع الكيفيات للاستثمار أكثر في هذا النشاط من خلال إعداد دراسات جديدة أكثر عمقا وضامنة لمستقبل الأجيال.
في هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي ومستشار في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمان هادف لـ”الجزائر الجديدة”، أن تطوير أي قطاع في وقتنا الراهن متوقف على مدى إدماج التقنيات الحديثة، خاصة التكنولوجيات الرقمية والأدوات العلمية ودون هذه الخطوة يبقى القطاع في تأخر لا يمكن استدراكه إلا بتبنى واستخدام التقنيات الحديثة.
وأردف هادف قائلا: ” اليوم لا يمكن أن نتكلم على تطوير أي قطاع والارتقاء بالأداء دون أن إدماج التقنيات الحديثة، خاصة التكنولوجيات الرقمية والأدوات العلمية في تثمين أي قطاع، وبالتالي نرى أن توجيهات الرئيس في هذا الصدد يصب في مصب تثمين القدرات الوطنية في مجال المنجمي وهذا التثمين لن إلا إذا تم التوجه نحو استغلال الرقمنة في القطاع المنجي الذي سيوفر على الدول الكثير ويكسبها أكثر”.
وتابع هادف في ذات السياق قائلا: ” التنافسية في وقتنا الحالي ليس بما تملك من مواد طبيعية إنما بما تملكه من تقنيات حديثة، فالاستغلال يكون عن طريق الأداء المرتفع ومدى التحكم في التقنيات التكنولوجية الحديثة من أجل تثمين استغلال الاستكشاف وكذا وتحويل كل المواد المنجمية إلى مواد صالحة للاستغلال بأقل التكاليف والإمكانيات وجودة أكبر”.
وأكد الخبير الاقتصادي في سياق ذي صلة، أن مباشرة استخدام التقنيات الحديثة سيعمل على استغلال الموارد الوطنية بأقل التكاليف وهذا الأمر سيتم عن باستعمال الأدوات التكنولوجية المتطورة في المجال، ما سيعمل على تطوير القطاع وبالتالي تحقيق نتائج ايجابية تكون أضعاف التي تحقق بالتقنيات التقليدية التي تعرق مسار التطور من خلال تلك العراقيل البيروقراطية التي أكل عليها الدهر وشرب.
وأوضح المتحدث، قائلا: “العلم في عصرنا تطور كثيرا خاصة من جانب المعدات التي تستعمل لاستكشاف الموارد المنجمية، بحيث هناك معدات خاصة تشتغل بالتكنولوجيات الرقمية خاصة بالبحث والنقيب على المواد المنجمية وكذا على مستوى سلاسل الإنتاج على غرار الاستخراج والتحويل، في كل خطوة من مراحل سلسلة الإنتاج”، وأضاف مؤكدا” حتى كبرى الشركات التكنولوجية في وقتنا الحالي تعمل على تطوير التقنيات الحالية بتقنيات جديدة لاستخراج المواد المنجمية، لذا أظن أن التوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية في هذا السياق مهم جدا ولكن يجب أن تكون ظاهرة وطنية تمس كل القطاعات الاقتصادية، فلا يمكن أن نتحدث عن قطاع فلاحي متطور إلا أذا ما تم التحول والتوجه نحو رقمنة هذا القطاع واستعمال أحدث التكنولوجيات الحديثة في القطاع على غرار تكنولوجية “درون” وتقنية تحليل البيانات وتكنولوجيات السقي والتحكم الآلي والرقمي”.
وأضاف المتحدث، قائلا: ” النسبة للقطاع الصناعي أيضا، فلا يمكن بلوغ قطاع صناعي ذات مردودية عالية دون إدماج التكنولوجيات الحديثة، فأهم رافد في القطاع في وقتنا الراهن هو التكنولوجيات الرقمية فالثورة الصناعية الرابعة تتمثل في مدى إدماج، تحكم واستغلال التكنولوجيات الرقمية في سلاسل الإنتاج والتموين للقطاع نفس الشئ بالنسبة للقطاعات الأخرى كالقطاع الخدماتي والقطاع السياحة ..الخ”.
واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، التميز والريادة في عصرنا الحالي يكمن في مدى تحكم الدول في التقنيات الحديثة والأدوات العلمية في كل المجالات، لذا أصبح من الضروري العمل على تغيير نظام مراكز البحث والتطوير الموجودة على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لجعلها تساهم في هذا المجال وجعلها مركزية أساسية في الاقتصاد الوطني والتي أصبحت تسمى اليوم ـ يقول الخبير ـ مراكز الابتكار والبحث والتطوير ويجب أن تكون لمشاريع البحث والابتكار أبعاد اقتصادية مما يسمح لكل القطاعات الاقتصادية أن ترتقي في أداء يضيف المتحدث.
فهيمة. ب