أقام لويس أليو، وهو عمدة مدينة بيربينيون، عن حزب اليمين المتطرف بفرنسا، معرضا بعنوان “بعد ستين عامًا، التاريخ يعيد نفسه: جبهة التحرير الوطني وحماس، نفس الأساليب، نفس الإستراتيجية”، في تصرف استفزازي، تجاه الجزائر والشعب الفلسطيني الذي يتعرض على مدار أكثر من خمسة أشهر لحرب إبادة من قبل الكيان الصهيوني.
الخطوة لقيت معارضة شرسة من قبل العديد من المنظمات والجمعيات، التي احتجت ضد عمدة المدينة المعروف بدفاعه عن زعيم منظمة الجيش السري الإرهابية (oas)، بيير سيرجان، وأقام له تمثال في ساحة المدينة، التي يحكمها اليمين المتطرف، بزعامة مارين لوبان.
ولم تكن الجهة المنظمة للمعرض هي عمدة المدينة لويس إليو، المتطرف، وإنما ساهم معه أطراف أخرى وعلى رأسهم “الدوار الحالمة بالجزائر فرنسية”، وهي جمعية رسمية ممولة من المال العام في فرنسا، ومعروفة بتزوير التاريخ والدفاع بقوة عن الجزائر الفرنسية.
وبالمقابل ردت ثلاث عشرة منظمة محلية بتنظيم مظاهرة احتجاجية ضد هذا الاستفزاز الجديد من قبل لويس أليو، الذي يتهم من قبل الفرنسيين، بأنه حول مجلسه البلدي إلى هيئة تدافع عن مجرمي المنظمة الخاصة الإرهابية (oas ) على رأسهم زعيمها الإجرامي، بيير سيرجان.
التضامن مع الجزائر والشعب الفلسطيني، وصل حد مساهمة مؤرخين فرنسيين كبار، وهم كل من فابريس ريسيبوتي، وألان روسيو وجيل مانسيرون، بمقال مطول انتقدوا فيه المعرض والجهات التي نظمته، ومن بين ما جاء فيه: “حريصًا دائمًا على إرضاء القاعدة الصلبة من ناخبيه الذين يشعرون بالحنين إلى الجزائر الاستعمارية والمعجبين بجرائم منظمة الجيش السري الإرهابية”، في إشارة إلى عمدة بربينيون.
وأضاف المؤرخون: “في عام 1957، كان جان ماري لوبان، بعد عودته للتو من إقامته كجلاد مظلي (في الجزائر)، ينظم بالفعل قافلة مماثلة خلال “قافلته إلى الجزائر الفرنسية”. حكومة غي مولي، التي شجعت التعذيب في الجزائر العاصمة، جعلت منه كتيبًا دعائيًا يتم توزيعه على نطاق واسع”.
ووفق المؤرخون الثلاثة، فإن تاريخ الجزائر تميز مثل تاريخ أكثر من نصف الدول الممثلة اليوم في الأمم المتحدة، باستعمار طويل وعنيف من عام 1830 إلى عام 1962. كما شهد تاريخ فلسطين منذ عام 1948 مع النكبة والطرد العنيف لـ 800 ألف فلسطيني عنفًا كبيرًا. لقد تميزت بالفعل بظاهرة استعمارية، حتى لو لم تكن هذه الظاهرة ناشئة عن النزعة التوسعية لدولة حضرية بل عن حركة ملجأ للأشخاص الفارين من الاضطهاد العنصري.
ويشدد المؤرخون في مقالهم على أن “الحرب التي شنتها فرنسا في الجزائر للحفاظ على هيمنتها جاءت على حساب عدد لا يحصى من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك، على سبيل المثال، مأسسة التعذيب وتكرار مجازر المدنيين كانتقام جماعي. وكما أوضح فرانتز فانون، فإن مقاومة المستعمَرين اتسمت بعمق بهذا العنف طويل الأمد”.