يتواصل التوتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث تشهد العلاقات الثنائية مرحلة شديدة من التوتر مع تتفاقم وتسارع الأحداث الأخيرة، خاصة على خلفية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورفض السلطات الجزائرية استقبال المؤثر الجزائري “بوعلام” بعد ترحيله من فرنسا، بسبب عدم التزام باريس بالإجراءات القانونية الخاصة بالترحيل، توتر يرمي بظلاله على الجانب الاقتصادي للبلدين.
في هذا الصدد، قال البروفيسور والخبير الاقتصادي الأستاذ مراد كواشي لـ “الجزائر الجديدة ” أن العلاقات “الجزائرية ـ الفرنسية” سواءً في مجالها الاقتصادي أو السياسي وصلت إلى طريق مسدود وإلى نقطة الـ “لا رجوع ” وهذا بسبب القرارات الـ “صبيانية” الفرنسية التي كانت في كل مرة تتخذ قرارات وتصرفات بعيدة كل البعد على ما تنص عليه الـ “برتوكولات” والأعراف الدبلوماسية، فمنذ سنوات قليلة تم تهريب الراعية الجزائرية ” أميرة بوراوي ” من الأراضي التونسية، على طريقة الاختطاف لترمي القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، وتلتها تصرفات وتصريحات صبيانية للرئيس الفرنسي حول تاريخ الأمة الجزائرية، إلى أن نصل إلى ما حدث مؤخرا وما يتعلق بقضية “بوعلام صنصال” أضف إلى ذلك التصريحات “غير المسؤولة” للشخصيات سياسية وإعلامية فرنسية.
وتابع كواشي، مؤكدا أن وهذا التهجم الشرس ضد الجزائر وكل هذه المعطيات أقل ما يمكن وصف لها هو ” لا مسؤولة ” ما أثر وسيؤثر بشكل مباشر على العلاقات الاقتصادية “الجزائرية ـ الفرنسية” حيث عرفت العلاقات الاقتصادية تراجع في حجم التعاون الاقتصادي بين الجزائر وفرنسا، والجزائر سحبت البساط من تحت أرجل باريس اقتصاديا.
وأضاف كواشي، قائلا: ” الجزائر تجاوزت مرحلة الاعتماد على التعاون الفرنسي اقتصاديا، وبحثت عن شركات أخرى أكثر نفعا وأكثر ندية، تحقق المصالح الاقتصادية للجزائر، فالملاحظ للشأن الاقتصادي الجزائري في السنوات الأخيرة، يجد أن أكبر المشاريع الاقتصادية في الجزائر استفادت منها دول أخرى، منها الصين التي أصبحت مورد اقتصادي هام للجزائر والتي استفادت من عديد المشاريع خاصة فيما يتعلق بالبنى التحتية، كالطريق السيار “شرق ـ غرب” مسجد الجزائر الأعظم وبالإضافة إلى عدة مشاريع في البناء والتعمير ومشاريع أخرى تتعلق بقطاع المناجم وتعدين وأكبر هذه المشاريع مشروع “غار جبيلات ” وذلك بإقامة شراكات مع شركات صينية وبالتالي تعتبر الصين اكبر شريك اقتصادي سواء من حيث التوريد فالصين أكبر مورد اقتصادي للجزائر أو من حيث حجم الاستثمارات التي الاستفادة منها هذه الدولة الرائدة اقتصادية في الجزائر”.
وأمام هذه المعطيات المستجدة في العلاقات والشراكات الاقتصادية الجزائرية يمكن القول أن أن مستقبل العلاقات بين “الجزائر وفرنسا” لن يكون مشرق ـ حسب ذات المتحدث ـ بل سوف يكون هناك تراجع خاصة في ظل استمرار النظام الفرنسي في استفزاز الجزائريين في كل مرة، الذين أيقنوا أن مصالحهم الاقتصادية لن تكون مع فرنسا وتعطل العلاقات بين البلدين من منظروها الاقتصادي سوف يضر فرنسا ولن يضر الجزائر لأن الجزائر استطاعت إيجاد بدائل أخرى من شركات إستراتيجية دولية، فالجزائر لها علاقات مميزة مع تركيا، قطر، الصين، روسيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن توتر العلاقات سوف يضر بالاقتصاد الفرنسي الذي خسر الكثير في الجزائر، ناهيك عن الخسارة التي تكبدها في السنوات القليلة الماضية بعد الأزمة الروسية ـ الأوكرانية وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في فرنسا.
وأضاف البروفيسور كواشي في ذات السياق موضحا، أن الخاسر الأكبر من تراجع العلاقات بين البلدين هي باريس والمستفيد الأكبر هي الجزائر التي استطاعت التأسيس لعلاقات وشركات جديدة وهي الآن في الطريق الصحيح والمؤشرات عن ذلك ايجابية جدا بشهادة مؤسسات دولية ومن المتوقع أن تحقق مؤشرات أحسن في القريب العاجل.
فهيمة. ب