أظهر نظام المخزن المغربي عبر مختلف أذرعه ولوبياته حالة من الاستغراب بعد صدور قرار السلطات الجزائرية القاضي بفرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي، وذلك بالرغم من أن المملكة المغربية هي التي كانت السباقة في التعامل مع الرعايا الجزائريين وفق هذا المنطق الذي تشتكي منه اليوم.
وتشهد شبكات التواصل الاجتماعي حالة من التجنيد في الإساءة إلى الجزائر بسبب هذا القرار، وبرزت صفحات وحسابات في مهاجمة فرض التأشيرة على حاملي جواز السفر المغربي، مع أن الكثير من المتابعين المغربيين أنفسهم، باتوا على قناعة بأن أي حامل لجواز السفر المغربي، هو إما جاسوس صهيوني أو مشروع جاسوس للكيان الغاصب، بحكم أن آلاف الصهاينة يتمتعون بالجنسية المغربية، كما أن تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وتل أبيب وتحول النظام المغربي إلى دمية بيد المخابرات الإسرائيلية “جهاز الموساد”، يتلاعب بها كيفما يشاء، تبرر للجزائر أي قرار تقدم عليه من هذا القبيل.
ويتذكر المتابعون كيف أن العاهل المغربي الراحل، الحسن الثاني، هو الذي سن هذه الممارسة في سنة 1994، لمجرد شكوك وتوهّمات تبين فيما بعد أنها كانت في غير محلها، وربما كانت مقصودة، إمعانا في حصار الجزائر في ذلك الوقت، حيث كانت تمر بظروف جد صعبة بسبب الظروف الأمنية المتدهورة، وهاجت الشرطة والأمن المغربيين بعد القرار على الجزائريين ورحلتهم في ظرف قياسي وفي ظروف غير إنسانية.
غير أن الرد الجزائري كان قاسيا جدا على القرار المغربي، فقد اتخذ الرئيس الأسبق، اليمين زروال، قرارا بفرض التأشيرة في إطار المعاملة بالمثل، وزاد عليه قرارا أشد وهو غلق الحدود البرية وكان هذا أشد إيلاما على نظام المخزن، الذي كان سكان حدوده الشرقية وقسط كبير من الشعب المغربي عموما، يقتات على تهريب السلع الغذائية ذات الاستهلاك، المدعمة الواسع في الجزائر، نحو المغرب حيث الأسعار أغلى فضلا عن الوقود الذي يباع في الجزائر بأثمان رمزية عكس الجارة الغربية، وهو ما خلق حالة من عدم الاستقرار في المملكة العلوية بسبب احتمالات تدهور الوضع الأمني جراء غضب سكان الحدود مع الجزائر والذين يعيشون في بطالة ويعانون من فقر مدقع، إثر فقدانهم مورد رزقهم (التهريب) بعد غلق الحدود.
ولم يكن قرار النظام المغربي بإلغاء نظام التأشيرة على الرعايا الجزائريين في سنة 2004 موفقا، لأنه جاء من جانب واحد ولم يكن محل مشاورات بين البلدين كما هو متعارف عليه في التقاليد الدبلوماسية، الأمر الذي أزعج الطرف الجزائري، الذي لم يرد على المبادرة المغربية إلا بعد سنة كاملة، أي في سنة 2005، بحيث ألغى بدوره نظام التأشيرة على الرعايا المغربيين، غير أبقى على الحدود البرية مغلوقة، وهو ما اختزل فرحة النظام المغربي إلى النصف، على اعتبار أنه كان يأمل في التراجع عن القرارات التي اتخذها الرئيس الأسبق، زروال كاملة.
لكن ومع استمرار نظام المخزن المغربي في سياساته العدائية تجاه الجزائر واستمراره في الانبطاح للكيان ، بل وتحوله إلى دولة وظيفية بشكل مقزز لهذا الكيان وللأنظمة الغربية، كان لزاما على الطرف الجزائري أن يتخذ ما يلزم من القرارات لحماية سيادته الوطنية، وضمن هذا السياق، جاء القرار السيادي بإعادة العمل بنظام التأشيرة للرعايا المغربيين، تحسبا لأي اختراق من قبل نظام الكيان الغاصب، الذي قد يعمد إلى استخدام جواز السفر المغربية أداة لتسلل رجالاته إلى التراب الوطني، بل قد يوظف حتى الرعايا المغربيين بدعم وموافقة من نظام المخزن باعتباره نظام وظيفي بامتياز.
علي. ب