بعدما عاث اليمين المتطرف الفرنسي واللوبيات المدافعة عن مصالح نظام المخزن المغربي في فرنسا، استفاق الجناح المتزن في فرنسا محذرا من مخاطر حدوث انزلاق قد يصعب ترميمه في العلاقات بين الجزائر وباريس، وهو ما عبر عنه كل من الوزير الأول ووزير الخارجية الأسبق الفرنسي، دومينيك دوفيلبان، والمؤرخ المختص في العلاقات الجزائرية الفرنسية، بنجامان ستورا.
وعلى مدار يومين متتالين، استضافت قناة الجزائر الدولية، شخصيتين لهما وزنها في فرنسا على الصعيدين السياسي والعلمي (التاريخي)، وهما كل من الوزير الأول الأسبق، دومينيك دوفيلبان، ورئيس لجنة بحث ملف الذاكرة من الجانب الفرنسي، بنجامان ستورا.
وبعدما شدد دو فيلبان على أهمية استعادة العلاقات الثنائية، محذرا من مخاطر استمرار الوضع على ما هو عليه، لفت بنجامان ستورا إلى جهة لطالما لعبت دورا كبيرا في تسميم العلاقات الثنائية، ألا وهي اللوبيات الداعمة والمدافعة عن مصالح نظام المخزن المغربي في فرنسا، وهي اليمين واليمين المتطرف، لكن من دون أن يشير إليها بالاسم.
وقال بنجامان ستورا في حواره لقناة الجزائر الدولية، إنه من المعروف أن هناك جماعات ضغط مؤيدة للمغرب في فرنسا، وهي الجهات التي تلعب دورا ضارا على صعيد العلاقات الفرنسية الجزائرية، وهي المرة الأولى التي تشير فيها شخصية بارزة في المشهد الفرنسي، على دور النظام المغربي في توتير الأجواء بين الجزائر وباريس.
وبرأي المؤرخ بنجامان ستورا، فإن إعادة ترميم العلاقات الثنائية، يجب أن يمر عبر بوابة الذاكرة، التي ظلت على مدار عقود طويلة سببا في تأزيم العلاقات الثنائية، لأن باريس لا تزال ترفض تحمل مسؤليتها التاريخية، في استعمار الجزائر لما يناهز 132 سنة من احتلال استيطاني، تسبب في مآسي كثيرة للشعب الجزائري.
وتحدث ستورا عن ضرورة قيام الرئيس الفرنسي بخطوة على هذا الصعيد، من قبيل التعويض عن الضرر وتطبيق عدد معين من التوصيات، التي كان قد دعا إليها في التقرير الذي أعده وسلمه لقصر الإيليزي، في العام 2021 بناء على طلب الرئيس إيمانويل ماكرون، فضلا عن مسائل سياسية حساسة أخرى، مثل قضية الصحراء الغربية، التي تعتبر سببا رئيسيا في الأزمة التي تضرب العلاقات الثنائية حاليا.
ومعلوم أنه منذ قرر الرئيس الفرنسي بدعم مخطط الحكم الذاتي التي تقدم بها نظام المخزن المغربي في الصحراء الغربية في الصائفة المنصرمة، لا يوجد تمثيل دبلوماسي بين الجزائر وباريس، بحيث تم خفضه إلى مستواه الأدنى (القائم بالأعمال)، ما تسبب في انقطاع قنوات التواصل بالكامل.
وبالمقابل، يبدو الجانب الفرنسي قد خفف من حدة هجومه على الجزائر، فوزير الداخلية، برينو روتايو، ومنذ أن تلقى العديد من الصفعات على مستوى العدالة، لم يعد يهاجم الجزائر كما كان، أما الشخصيات اليمينية المتطرفة الأخرى غير الرسمية، مثل السفير الأسبق بالجزائر، كزافيي دريانكور، وكذا المنابر الإعلامية اليمينية المتطرفة، فقللت من حدة استهدافها للجزائر، إذا ما تم استثناء “الخرجة” النشاز، التي قام بها مؤسسة حزب “الاسترداد”، إيرك زمور، نهاية الأسبوع.
علي. ب