شهد قصر الثقافة مفدي زكرياء تنظيم ندوة علميةأمس السبت أشرف عليها وزير الثقافة والفنون زهير بللو، تم خلالها عرض نتائج عمل فريق الخبراء بخصوص تحيين القائمة التمهيدية للتراث العالمي الخاصة بالجزائر.
للإشارة أُرسلت القائمة إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” الأسبوع الماضي، وذلك في إطار تنفيذ اتفاقية التراث العالمي لسنة 1972 والجهود الوطنية الرامية لحماية وتعزيز التراث الثقافي والطبيعي. وقد حضر هذه الندوة الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو وممثل وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، إلى جانب خبراء وإطارات من المديرية العامة للغابات، وممثلين عن إطارات وزارة الثقافة والفنون ومديري المؤسسات التابعة لها والحظائر الثقافية الوطنية، بالإضافة إلى باحثين ومختصين في مجال التراث الثقافي.
وفي مستهل كلمته، عبّر الوزير عن امتنانه وتقديره لكافة الإطارات والخبراء الذين يسهمون في حماية التراث الوطني، مشيدًا بالدور المحوري للكفاءات الجزائرية في هذا المجال، كما رحّب بجميع المشاركين، لاسيما خبراء وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، الشريك الفاعل في إنجاز هذا المشروع الوطني الطموح. وأعلن الوزير عن إدراج موقعين طبيعيين لأول مرة في القائمة الإرشادية للتراث العالمي منذ انضمام الجزائر إلى اتفاقية اليونسكو سنة 1974، وهما الحظيرة الوطنية لجرجرة والحظيرة الوطنية للقالة، مما يمثل توازنًا جديدًا بين المكونات الثقافية والطبيعية في القائمة. وأكد أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا التعاون الوثيق بين وزارتي الثقافة والفلاحة، منوهًا بالدور البارز لتوجيهات وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري يوسف شرفة، التي أفضت إلى وضع إطار شراكة فعالة بين القطاعين، مكنت من بلوغ نتائج ملموسة في ما يتعلق بإدراج مواقع ذات قيمة وطنية وعالمية.
كما ثمّن الوزير مساهمة الفاعلين المحليين من جمعيات وخبراء ومختصين في عدد من الولايات على غرار تمنراست، باتنة، تبسة، الطارف، البويرة وتيزي وزو، الذين ساهموا في إثراء ملفات المواقع المقترحة من خلال الورشات التشاركية. وفي خطوة تعبّر عن التزام حقيقي من الجهات المعنية، أعلن الوزير عن إعداد خطة عمل وطنية للفترة ما بين 2025 و2029 ترمي إلى تصنيف هذه المواقع، بدءًا بملف “الأضرحة الملكية للفترة القديمة”، الذي سيتم إعداد صيغته النهائية بالتعاون مع خبراء من منظمة اليونسكو.
وأكد الوزير التزام مصالحه بتحديث مخططات تسيير المواقع السبعة المدرجة سابقًا ضمن قائمة التراث العالمي، إلى جانب تطوير أطر التسيير التشاركي للتراث الثقافي، بما يضمن استدامته الاقتصادية وتعزيز قيمته العلمية والتاريخية دوليًا. واختتم الوزير كلمته بدعوة وسائل الإعلام الوطنية إلى الانخراط في استراتيجية تواصلية فعالة تروّج للتراث العالمي الجزائري، كما وجّه نداءً إلى الكفاءات الجزائرية داخل الوطن وخارجه للمساهمة بخبراتهم واقتراحاتهم في تثمين هذا الإرث الحضاري المتنوع والغني.
الندوة العلمية شهدت أيضًا مداخلات لكل من الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو، وممثل وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، ومديرة حفظ التراث الثقافي وترميمه، كما تخللتها جلسات تقنية قُدمت خلالها عروض تفصيلية حول المواقع الإحدى عشر المدرجة في القائمة التمهيدية والمُعدة وفقًا للمبادئ التوجيهية لاتفاقية 1972 لليونسكو، وتشمل موقعين طبيعيين هما الحظيرة الوطنية لجرجرة بولايتي تيزي وزو والبويرة والحظيرة الوطنية للقالة بولاية الطارف، وموقعين مختلطين طبيعي-ثقافي هما تفدست بالحظيرة الثقافية للأهقار بولاية تمنراست ومنطقة واحات غوفي والقنطرة بولايتي باتنة وبسكرة، ومشهدين ثقافيين هما بندرومة وطرارا بولاية تلمسان ونظام السقي بالغوط بولاية وادي سوف، بالإضافة إلى خمسة مواقع ثقافية تتمثل في قصور الأطلس الصحراوي الجزائري بالحظيرة الثقافية للأطلس الصحراوي (بولايات الأغواط والبيض والنعامة)، الأضرحة الملكية للفترة القديمة (بولايات باتنة وقسنطينة وتيبازة وعين تموشنت وتيارت وتمنراست)، التراث الأثري لمدينة تبسة (بولاية تبسة)، نظام القلاع بالحظيرة الثقافية لتوات قورارة تيديكلت بولايتي أدرار وتيميمون، والمواقع ومسارات أوغسطية التي تمتد عبر عدة ولايات في الشرق والوسط الجزائري. ويُعد هذا المشروع خطوة استراتيجية تعزز من مكانة الجزائر على الصعيد الدولي، وتُبرز غنى وتنوع تراثها الثقافي والطبيعي، وتؤكد التزامها بحمايته وتثمينه وفقًا للمعايير العالمية.
خليل عدة