بدأت التداعيات السياسية للعلاقات الجزائرية الفرنسية تلقي بظلالها على المبادلات التجارية بين البلدين، خاصة الصادرات الفرنسية وهو مؤشر يرسم ملامح طبيعة المرحلة المقبلة والتي تتجه إلى نفق مظلم، يحمله الجانب الفرنسي بسبب تفضيله الانخراط في دعم المصالح المغربية على حساب إقامة علاقات متوازنة.
وتشير الأرقام المتعلقة بالمبادلات التجارية بين البلدين إلى تراجع طفيف في النصف الأول من العام 2024. وتبدو هذه الأرقام غير معنية بالأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مؤخرا بين العاصمتين، ولكنها تشكل مؤشرا على طبيعة ما هو قادم في ظل استمرار القبضة الحديدية.
وبلغ انخفاض المبادلات التجارية في النصف الأول من السنة الجارية، استنادا على الأرقام الصادرة عن مصالح الجمارك الفرنسية، بنسبة 5.4 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023، وهو الانخفاض الذي يعتبر الأول من نوعه بعد ثلاث سنوات متتالية من النمو المستمر.
وبلغة الأرقام، شهدت الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، حجم تبادل تجاري بين الجزائر وفرنسا قدر بنحو 5.4 مليار أورو. ويوعز المختصون نسبة من هذا التراجع إلى انخفاض أسعار النفط والغاز، الأمر الطي أثر على العجز التجاري الفرنسي مع الجزائر، حيث انخفض بمقدار 719 مليون أورو ليصل إلى 636 مليون أورو.
واستنادا إلى الجمارك الفرنسية، فإن صدرت الجزائر ما قيمته 3 مليارات أورو من النفط والغاز إلى فرنسا، أي أقل من 14.5 بالمائة في النصف الأول من العام الجاري، علما أن المحروقات تمثل ما يناهز 79.4 بالمائة من واردات فرنسا من الجزائر. وبالمقابل، ارتفعت صادرات فرنسا إلى الجزائر بنسبة 9.3 بالمائة، وهو ما يعادل بضائع بقيمة 2.4 مليار دولار إلى الجزائر، معظمها من المنتجات الصناعية، والأدوية والمواد الكيميائية، والخشب والمعادن والمطاط.
وبالإضافة إلى ذلك، شهد النصف الأول من العام الجاري نمو كبير بلغ أزيد من تسعين بالمائة في صادرات المنتجات الزراعية الفرنسية إلى الجزائر “بعد تراجع حاد في النصف السابق”. غير أنه وبعد الأزمة المندلعة بين البلدين يتوقع أن تسلط الجزائر عقوبات مشددة على الصادرات الفرنسية نحوها، ولا سيما الحبوب، الذي يعتبر سلاحا فعالا لمعاقبة الموقف الفرنسي الأخير من الصحراء الغربية.
وخلال السنة المنصرمة، انخفضت صادرات الحبوب الفرنسية إلى الجزائر بشكل حاد بنسبة 80 بالمائة. وانخفضت من 834 مليون أورو في العام 2022 إلى 166 مليون أورو فقط في 2023، وذلك بعدما كانت الحبوب الفرنسية تسيطر بشكل تام على السوق الجزائرية منذ عقود.
ويتوقع المراقبون أن يستمر انخفاض الصادرات الفرنسية إلى الجزائر بشكل مثير قبل نهاية السنة الجارية، وسيستمر هذا التوجه إلى السنوات القليلة المقبلة ما لم تسارع باريس إلى تصحيح علاقاتها مع الجزائر.
علي. ب