في خضم حالة الفلتان السياسي التي تعيش فرنسا على وقعها، يواصل برينو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي ذو التوجهات اليمينية المتطرفة، الإدلاء بتصريحاته العنصرية ضد الجاليات المسلمة وعلى رأسها الجزائرية المقيمة على التراب الفرنسي، دون أن يتجرأ حماة القانون وإنفاذه على محاسبته على أقواله وأفعاله المتهورة والعنصرية.
وفي برنامج تلفزيوني لقناة “بي آف آم تي في” الفرنسية الخاصة، أدلى روتايو بتصريحات أقل ما يقال عنها إنها عنصرية صرفة: “إنهم مسلمون، إنهم سود “، وكان يشير بهذه التصريحات إلى سكان جزر القمر بجنوب شرق القارة الإفريقية، حيث توجد جزيرة تابعة للسيادة الفرنسية تدعى “مايوت”، يسكنها مسلمون.
وسبق لوزير الداخلية الفرنسي أن أعلن حربا على الجالية الجزائرية في فرنسا، وعمد إلى ترحيل رعايا مقيمين بطريقة قانونية إلى الجزائر، خارج الأطر القانونية والدبلوماسية، الأمر الذي تسبب في أزمة حادة مع الجزائر، التي رفضت استقبال المرحلين، قبل أن تنصفهم العدالة الفرنسية، التي وجهت صفعات متتالية لروتايو.
تصريحات المسؤول الفرنسي جاءت في أعقاب اعتماد مشروع قانون يقيد حق المواطنة بالولادة في جزيرة مايوت، وينص هذا القانون على أن الطفل المولود في هذا الإقليم لا يمكنه الحصول على الجنسية الفرنسية، إلا إذا كان كلا الوالدين مقيمين بشكل قانوني في الإقليم لمدة ثلاث سنوات على الأقل قبل ولادته.
ولتبرير هذا الإجراء وتوسيعه ليشمل كامل الإقليم، انخرط برونو ريتيلو في هذه الحملة المعادية للأجانب والإسلام، حيث اعتمد كالمعتاد الخطابات الأكثر رجعية لليمين المتطرف. حيث قال: “لا يمكن لأي مجتمع أن يتحمل الغرق في الهجرة”، ليكون بذلك روتايو القادم من حزب “الجمهوريون” اليميني قد تخطى كل الخطوط الحمراء، دون أن يتجرأ أيا على إيقافه عند حده، تماشيا والقوانين الفرنسية التي تحظر التمييز العنصرية وتعاب عليه.
وبوقاحة منقطعة النظير، يواصل وزير الداخلية الفرنسي عبر قناة تلفزيونية تصريحاته العنصرية، قائلا: “يهاجر الأجانب لإنجاب الأطفال حتى يتمكنوا من الحصول على الجنسية وحتى يتمكنوا هم أنفسهم من التقدم بطلب للحصول على تصريح الإقامة”. فيما اعتبر حقوقيون ورجال قانون، أن برينو روتايو يستهدف البعد الهوياتي في الجهة المستهدفة، وهم سكان جزر القمر الذين يدينون بالإسلام في غالبيتهم المطلقة.
ودأب برينو روتايو منذ وصوله إلى وزارة الداخلية الفرنسية، على مهاجمة المهاجرين والمسلمين منهم خاصة، وعلى رأسهم الجزائريين، تماشيا وإيديولوجيته السياسية القائمة على كراهية الأجانب وتغليب مصالح العنصر الأبيض (الفرنسيين الأصليين)، على حساب بقية الفرنسيين من أصول غير فرنسية.
ونادرا ما تسمع مثل هذه الخطابات تصدر عن رسميين فرنسيين، بل يتحدث بها بعض الوجوه المحسوبة على اليمين المتطرف ولكن من خارج المؤسسة الرسمية الفرنسية، أما اليوم فأصبح مثل هذه الخطاب يصدر بالصوت والصورة على لسان وزراء ويكررونها مرات عديدة، ما يعني أن الدولة الفرنسية أصبحت مختطفة من قبل اليمين المتطرف.
علي. ب