يستمر الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء وفي مختلف أماكن تواجده في إحياء سبعينية النكبة الفلسطينية التي توافق في الخامس عشر من شهر أيار/مايو 2018، وما مسيرة العودة الكبرى التي يجري التحضير لانطلاقتها باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة في الثلاثين من آذار/مارس ذكرى مرور 42 سنة على يوم الأرض إلا أبرز الفعاليات التي ستشكل البداية للوصول ذروة منتصف شهر أيار/مايو تزامناً مع ما أعلنته الإدارة الأمريكة عن موعد لإفتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة.
الأنظار شاخصة باتجاه قطاع غزة المحتل والمحاصر حيث الإلتفاف الوطني الفلسطيني السياسي والشعبي حول المسيرة والإعتصام السلمي للأهالي ونصبهم للخيم التي ترمز الى جريمة اقتلاعهم من فلسطين سنة 1948 ومطالبتهم بالعودة الى أرض الآباء والأجداد بحيث سيبعد الإعتصام السلمي فقط 700 متر من الحدود مع فلسطين المحتلة.
مسيرة العودة الكبرى تحمل في طياتها العديد من الرسائل بالغة الدلالة، سنتوقف عند 5 منها أولها وأهمها للكيان الصهيوني المحتل بأن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من مرور 7 عقود على نكبته إلا أنه لا يزال يحافظ على حيوية قضيته كلاجئين، وبأن اللاجئ لا يزال يتمسك بحق عودته إلى دياره التي طرد منها إبان النكبة في العام 48 وليس إلى أي مكان آخر، وبأنه مستعد لأن يضحي بالغالي والنفيس في سبيل إسترجاع أرضه ومقدساته، وبأن هذا الإحتلال إلى زوال ولو بعد حين، ومعها سقطت مقولة نسيان الصغار بعد موت الكبار، وبأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب استحقها “شعب” بلا أرض.
الرسالة الثانية موجهة إلى المجتمع الدولي الذي فشل بعد مرور هذه العقود الطويلة من أن يُنصف الشعب الفلسطيني، ولا يزال يمارس سياسية المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية، ومنها تطبيق حق اللاجئ الفلسطيني بالعودة إلى فلسطين وفقاً للقرار الأممي 194 الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وبأن المجتمع الدولي يجب أن يبقى ملتزماً تجاه قضية اللاجئين من خلال دعم ومساندة استمرارية عمل “الأونروا” إلى حين العودة، والعمل على أن تكون ميزانيتها ثابتة من الأمم المتحدة، وبأن القانون الدولي يعطي الحق للشعب الفلسطيني بالتعبير عن رفضه ومقاومته للإحتلال بكل الوسائل الممكنة، وإن كان الظرف يحتم أن يكون الإعتصام الحالي على الحدود مع فلسطين المحتلة سلمياً، إلا أن هذا لا يلغي أبداً الحق في المقاومة المسلحة ضد الإحتلال، وبأن على المجتمع الدولي التحرك لتوفير الحماية للمدنيين المشاركين في مسيرة العودة.
الرسالة الثالثة إلى الداخل الفلسطيني بأن حق العودة لا يسقط بتقادم الزمن وبأنه حق فردي وجماعي وبأنه من الحقوق غير القابلة للتصرف أي لا يحق لأي كان التنازل أو التفاوض على هذا الحق وبأن شعبنا الفلسطيني يرفض أي بديل عن العودة إلى فلسطين سواءً بالتوطين أو التهجير، وأن فلسطين بالنسبة إليه هي من البحر إلى النهر، وبأن أي إتفاق سياسي في المستقبل إن لم يعط اللاجئ الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة فلن يساوي الحبر الذي كتب فيه.
الرسالة الرابعة الى القمة العربية التي ستنعقد في الخامس عشر من شهر نيسان/إبريل القادم في الرياض بأن تتحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية لا سيما قضية اللاجئين وحق العودة واستخدام ما لديها من أوراق قوة سياسية ودبلوماسية وشعبية وإمكانات لإنهاء الإحتلال للأراضي الفلسطينية وتوفير كل الدعم لتصعيد الإنتفاضة الشعبية في وجه الإحتلال الصهيوني في الضفة والقدس كواحدة من أهم أوراق القوة لإعادة خلط الأوراق السياسية وتدوير الزوايا ورفع كلفة الإحتلال وتشكيل سد منيع أمام تحقيق أهدافه وصولاً إلى الإنسحاب غير المشروط من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا سينعكس إيجاباً على جميع ملفات القضية الفلسطينية ومنها قضية القدس واللاجئين وبقية الملفات الفلسطينية.
الرسالة الخامسة الى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب التي تحاول تصفية القضية الفلسطينية باستهدافها قضية اللاجئين وحق العودة من خلال استهدافها لوكالة “الأونروا” بقطع مساهمتها المالية وقبلها إستهداف القدس كاستكمال لتكريس مخطط “صفقة القرن” وبأن هذه الصفقة لن تمر.
يحاول الإحتلال أن يبث الرعب والخوف في نفوس المشاركين في الإعتصام على الحدود بين غزة وفلسطين المحتلة والإعلان عن خطوات إستباقية..، لكن هذا لن يثني الشعب الفلسطيني عن المشاركة وهو الذي لا يزال يتحمل نتائج أربعة حروب في أقل من 10 سنوات في غزة بعد أن تمكنت المقاومة من هزيمة جيش الإحتلال الصهيوني الذي كان يحمل أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، فمطلب المسيرة والإعتصام عادل والوسيلة قانونية.
علي هويدي*
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 29/3/2018