ربما يعتبر من السذاجة تناول قضية شوكولاتة الدهن” المرجان” ، التي شغلت الراي العام الجزائري والأوروبي مؤخرا، كقضية معزولة عن الواقع الاقتصادي الوطني المفعم بفرص التصدير خارج نطاق المحروقات الذي تسعى البلاد الى رفعه الى حدود 30 مليار دولار مع افاق سنة 2030 .
ما هي العوامل التي جعلت الشوكولاطة التي تصنع في وهران، من طرف شركة ” سيبون” الخاصة، تحرك دواليب القرار الأوروبي بمنعها من التواجد في سوق القارة العجوز خوفا مما تشكله من منافسة على منتوجات أوروبية مشابهة؟
الجواب لا يمكن ان يكون بعيدا وهو متجذربلاشك في جودة المنتوج الذي استطاع جزائريون وجزائريات نقله الى مستوى العالمية بفضل الابداع والإرادة والتعامل الجيدمع اعتبارات السوق.
ولمن لا يعرف طبيعة هذا المنتوج الذي ذاع صيته في كل ارجاء العالم فان صناعته تتم على أساس منتوج ” البندق” المستورد من الخارج والذي يجري تحويله فيما بعد عن طريق انامل جزائرية غاية في الابداع الى شوكولاطة دهن يقول مستهلكوها انها افصل من ” نوتيلا” الإيطالية الى درجة ان شوكولاطة ” المرجان” تشكلت بسببها طوابير طويلة امام المساحات التجارية في فرنسا قبل منعها من طرف الاتحاد الأوروبي بدعوى ان ” الحليب المستعمل في صناعتها لا يستجيب لمعايير السلامة الأوروبية”.
ويمكن للجزائر ان تبني بقوة على أساس دراسة مسار هذا المنتوج بدقة و كيفية وصوله الى العالمية كما ان منتوجات جزائرية أخرى، لم تنل حظها بعد من الشهرة ، قد تمتلك نفس الجودة و نفس الفرص من اجل الوصول الى الساحة العالمية اذا احسن منتجوها التعامل مع اعتبارات السوق ..
وهنا يأتي الحديث عن مسائل غاية في الأهمية مرتبطة بالقدرة على تفعيل التسويق المحكم للمنتوج لاسيما وان هذا العنصر يبقى غير مستغل بالشكل المطلوب من طرف العديدمن أصحاب المؤسسات الاقتصادية في عالم تسوده منافسة اقتصادية شرسة بين الدول.
وكشفت قضية شوكولاطة ” المرجان” أيضا ان الجزائر بإمكانها ان تصل الى ديناميكية اقتصادية غير مسبوقة والرفع من الصادرات خارج نطاق المحروقات التي قاربت لأول مرة السبعة مليارات دولار خلال السنة ما قبل الماضية 2022 غير ان تحقيق هذا الهدف يبقى مرهونا بتكثيف الاستثمارات واضفاء مرونة أكبر على النظام المصرفي وتشجيع أكبر للمصدرين من اجل الوصول بمنتجاتهم الى الخارج.
وتمتلك الجزائر مقومات استثنائية في شمال افريقيا يمكن ان تجعلها في الصف الأول من حيث الديناميكية الاقتصادية فهي الدولة الوحيدة التي تحوز في نفس الوقت على مصادر طاقة وافرة ومدعمة ، مهندسون اكفاء ، ايدي عاملة نشطة فضلا عن بنية تحتية معتبرة وفضلا عن ذلك فقد قطعت البلاد شوطا مهما على صعيد تحسين مناخ الاستثمار خلال السنوات الأخيرة و لاسيما من خلال قانون استثمار جديد صدر في جويلية 2022 ويتضمن مزايا في مجالي استقرار التشريعات وحرية اختيار المشاريع.
ومؤخرا تم تحديد مستويات إعانات الدولة الموجهة للمتعاملين الاقتصاديين الذين يمارسون نشاطا تصديريا أو يساهمون في الترويج للمنتجات الجزائرية في الخارج ، في إطار الصندوق الخاص لترقية الصادرات.
وبموجب قرار وزاري مشترك صدر في العدد 63 من الجريدة الرسمية، فإن الصندوق الخاص لترقية الصادرات يتكفل ، ضمن احد مظاهر هذه الإعانات ، بـ10 بالمائة من التكاليف المرتبطة بدراسة الأسواق الخارجية الموجهة للبحث عن منافذ للمنتجات الجزائرية.
عزيز لطرش