وصفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في افتتاحيتها ليوم الأربعاء، ما يحصل بين الجزائر وفرنسا بـ “الهزة الأعنف، منذ عشرين عاماً”، مؤكدة بأن التصعيد الجاري أخذ “منعطفاً مثيراً للقلق، محملة المسؤولية للجانب الفرنسي، الذي بادر باستفزاز الجزائر، بعد الدعم المطلق الذي قدمه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لنظام المخزن المغربي في قضية الصحراء الغربية، التي تعتبر مسألة جد حساسة بالنسبة للجزائر.
وقالت الصحيفة إن وضع العلاقات الثنائية أصبح “يثير المزيد من القلق”، في ظل التصعيد والتصعيد المضاد، والذي بلغ أوجه بحر الأسبوع المنصرم، عندما تصدت الجزائر لعملية ترحيل قصرية وغير قانونية للمؤثر “بوعلام”، بعدما رفضت استقباله وأعادته من حيث جاء على متن الطائرة التي أقلته.
وبالنسبة لصحيفة “لوموند”، فإن سب الأزمة الأخيرة يعود لاعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية. وهو القرار الذي أثار غضب السلطات الجزائرية، قبل أن تأتي قضية اعتقال الكاتب الفرانكو ـ الجزائري بوعلام صنصال، المتورط في الإضرار بالوحدة الترابية للجزائر، بسبب تصريحات غير مسؤولة ومضللة.
وقد شكلت إعادة المؤثر “بوعلام” إلى فرنسا تحديا لباريس ساهم في الإضرار بسمعتها كدولة كبيرة، وهو ما عبر عنه وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بـ “رغبة من جانب الجزائر في إذلال فرنسا”، قبل أن تتوالى تصريحات المسؤولين الفرنسيين تباعا، مهددين بتفعيل إجراءات، وهو الأمر الذي تلقاه الجانب الجزائري بتجاهل وببرودة دم صادمة للفرنسيين.
ولعبت صحيفة “لوموند” على وتر ورقة يبدو أن الجزائر لا تعيرها اهتماما يذكر، وهي أن يتنافس البلدان المغاربيان، الجزائر ونظام المخزن المغربي على تقديم التنازلات من أجل إرضاء المستعمر السابق، الأمر الذي يصبح الطرف الفرنسي دون سواه، بحيث يتعقد الجانب الجزائري أنه لا يضع قوة إقليمية بحجم بلاده مع “دولة وظيفية” قائمة على انتظار المساعدات الفرنسية و الغربية وتنفيذ ما يطلب منها ولو كان على حساب مصالح الشعب المغربي المغلوب على أمره.
وتحدثت الافتتاحية عن يأس الجانب الفرنسي من مسايرة الطرف الجزائري له في ملف الذاكرة، وهي مسألة تتعلق بسيادة البلاد، وهو موقف له علاقة بعدم تحمس المستعمر السابق للاعتراف بمسؤوليته التاريخية من قبيل حرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، وتلويث مساحات شاسعة من الأراضي بالنفايات النووية والكيميائية والبيولوجية.
وتتساءل “لوموند” بهذا الخصوص: “إلى أي مدى ستصل دوامة العداء المتبادل؟ عندما نتذكر الآمال التي تولدت عن محاولة مصالحة الذاكرة، التي أطلقها الرئيس الفرنسي ماكرون في عام 2022، والتي أصبحت اليوم طيّ النسيان، فإننا نقيس مدى الضرر. فالأسباب المؤدية إلى هذا الانتكاسة تتمثل في أن النظام الجزائري لم يلعب مطلقاً لعبة مصالحة الذاكرة، متجاهلة مسؤولية الجانب الفرنسي في هذا الأمر.
وبخصوص طريق الخروج من الأزمة، ترى الصحيفة الفرنسية أنه يتعين على باريس أن “تتفادى السقوط في فخ التصرف خارج إطار المسؤولية المتمثلة في المواقف العدوانية التي تكون دوافعها الخفية واضحة للغاية”.
علي. ب