فضيحة مدوية هزت شركة الأغذية السويسرية المتعددة الجنسيات “نستله” Nestlé، عقب تحقيق أجرته منظمة التحقيق السويسرية “Public Eye” بالتعاون مع شبكة العمل الدولية لأغذية الأطفال “IBFAN”، كشف من خلال الاختبارات المعملية التي أجريت على أغذية الأطفال المباعة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التي تنتجها الشركة، عن وجود سكر مضاف في منتجات مثل “سيريلاك” و”نيدو”.
وتحتوي اثنتان من العلامات التجارية الأكثر مبيعًا لأغذية الأطفال التي تسوقها شركة “نستله” Nestlé في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على مستويات عالية من السكر المضاف، وسط مطالبات عاجلة بوضع حد لهذه المعايير المزدوجة غير المبررة والضارة، والتي تساهم في الارتفاع الهائل في السمنة وتؤدي إلى تطوير تفضيل الأطفال للمنتجات السكرية مدى الحياة.
بعد مرور 50 عاماً على فضيحة حليب الأطفال الرضع، تدّعي الشركة أنها تعلمت من الماضي بينما بذلت كل ما في وسعها للحفاظ على ريادتها العالمية في مجال تغذية الأطفال.
وتسيطر “نسله” على 20% من سوق أغذية الأطفال، والتي تبلغ قيمتها حوالي 70 مليار دولار.
ومع مبيعات عالمية تزيد عن 2.5 مليار دولار في عام 2022، تعد “سيريلاك” و”نيدو” من المنتجات الأكثر مبيعًا لأغذية الأطفال من “نستله” في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وتعلن الشركة المتعددة الجنسيات بقوة عن هذه المنتجات، باعتبارها ضرورية للتنمية الصحية للأطفال في أسواقها الرئيسية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
“سمٌّ محلّى” للدول النامية.. ومعايير مزدوجة للغربيين
لكن بفحص 115 منتجًا يتم بيعها في أسواق “نستله” Nestlé الرئيسية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، تبين أن ما لا يقل عن 108 منهم (94 في المئة) يحتوي على السكر المضاف، على سبيل المثال، في سويسرا، تروج شركة “نستله” لحبوبها بنكهة البسكويت للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر تحت ادعاء “بدون سكر مضاف”، بينما في السنغال وجنوب أفريقيا، تحتوي حبوب “السيريلاك” بنفس النكهة على 6 جرامات من السكر المضاف لكل حصة.
نتائج التحقيق المعنون بـ”كيف تجعل نستله الأطفال مدمنين على السكر في البلدان ذات الدخل المنخفض” تكشف عن أنه بفحص حوالي 150 منتجًا تبيعها شركة الأغذية العملاقة في البلدان ذات الدخل المنخفض، تبين أن جميع حبوب “سيريلاك” المخصصة للأطفال التي تم فحصها تحتوي تقريبًا على سكر مضاف – بما يقرب من 4 جرامات لكل حصة في المتوسط، أي ما يعادل مكعب سكر تقريبًا – على الرغم من أنها تستهدف الأطفال من عمر ستة أشهر.
وتم اكتشاف أعلى كمية – 7.3 جرامات لكل حصة – في منتج يباع في الفلبين. تحتوي معظم منتجات حليب “نيدو” المجفف للأطفال الصغار من عمر سنة إلى ثلاث سنوات التي تم فحصها أيضًا على سكر مضاف – ما يقرب من 2 جرام لكل وجبة في المتوسط، وتم اكتشاف القيمة القصوى (5.3 جرام) في منتج يباع في بنما، في سويسرا والأسواق الأوروبية الرئيسية لشركة “نستله”، تباع هذه المنتجات بدون سكر مضاف.
وعلى نحو مماثل، في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة ــ الأسواق الأوروبية الرئيسية للشركة ــ فإن جميع التركيبات المخصصة للأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 36 شهراً والتي تبيعها الشركة لا تحتوي على سكر مضاف. وفي حين أن بعض حبوب الرضع للأطفال الصغار الذين تزيد أعمارهم عن سنة واحدة تحتوي على سكر مضاف، فإن حبوب الأطفال الرضع الذين تبلغ أعمارهم ستة أشهر لا تحتوي على ذلك.
حبوب “سيريلاك” المصنوعة من القمح للأطفال بعمر ستة أشهر والتي تبيعها “نستله” في ألمانيا والمملكة المتحدة لا تحتوي على سكر مضاف، في حين يحتوي المنتج نفسه على أكثر من 5 جرامات لكل حصة في إثيوبيا و6 جرامات في تايلاند.
وفي الهند، حيث تجاوزت المبيعات 250 مليون دولار في عام 2022، تحتوي جميع حبوب “سيريلاك” للأطفال على سكر مضاف، في المتوسط ما يقرب من 3 جرام لكل وجبة. ويسود الوضع نفسه في جنوب أفريقيا، السوق الرئيسية في القارة الأفريقية، حيث تحتوي جميع حبوب “سيريلاك” للأطفال على أربعة جرامات أو أكثر من السكر المضاف في كل حصة. في البرازيل، ثاني أكبر سوق في العالم، حيث تبلغ مبيعاتها حوالي 150 مليون دولار في عام 2022، تحتوي ثلاثة أرباع حبوب “سيريلاك” للأطفال (المعروفة في البلاد باسم “موسيلون”) على سكر مضاف، بمتوسط 3 جرام لكل وجبة.
أطباء الأطفال وخبراء تغذية الأطفال الذين أجرت “Public Eye” مقابلات معهم، استنكروا المعايير المزدوجة غير المبررة والتي تمثل إشكالية من منظور أخلاقي ومنظور الصحة العامة، لا سيما في ضوء وباء السمنة الذي يؤثر على البلدان المنخفضة الدخل.