سيتم تكريم الراحل عز الدين مجوبي والمخرجة تونس آيت علي بفعاليات الدورة التأسيسية من المهرجان الدولي للموندراما بقرطاج، المزمع تنظيمها من 30 أفريل إلى 5 ماي المقبل، بالإضافة إلى عروض مسرحية.
ستفتتح الدورة التأسيسية من المهرجان الدولي للموندراما بقرطاج مع عرض “آش سمّاك الله…” للفنان المغربي عبد الحق الزروالي الذي قدم ما يقارب 24 مسرحية كان فيها الكاتب والمخرج والممثل الوحيد. وستحتضن نشاطات المهرجان عددا من الفضاءات على غرار مدينة الثقافة والمسرح البلدي ومسرح فرقة مدينة تونس وقاعة الكوليزي والمركز الثقافي والشبابي بالمنزه السادس والفضاءات الثقافية “كارمـن” الثقافي وريحة البلاد والفتح الثقافي وقاعة الحمراء. أما في الجهات فسيكون المهرجان حاضرا من خلال احتضان عروضه من طرف مراكز الفنون الدرامية الركحية بالكاف والقيروان وقفصة وصفاقس ومدنين، إضافة إلى العروض بالمبيتات والفضاءات الجامعية. كما ستشهد هذه الدورة مشاركة 13 بلدا هي تونس وفلسطين والمغرب والجزائر ومصر والسودان والعراق والأردن وموريتانيا والسـعودية وبوركينا فاسو والكوت ديفوار والبينين ستؤثث فقرات المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج. وسيتحف هذا المهرجان جمهوره بعدد من العروض الأولى والجديدة من تونس وخارجها على غرار عودة الفنان التونسي عبد العزيز المحرزي إلى الخشبة من خلال “اشهد يا الأيام”. ولأنّ فلسطين هي القضية الأم والهاجس العربي الأهم، فإنها تفرض حضورها بشكل أو بآخر في شتى تمظهرات الفن وتجليات الإبداع. وعلى ركح المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج في دورته الأولى ستكون فلسطين هي ضيف شرف المهرجان احتفاء بالمسرح الفلسطيني من خلال عرض خمسة أعمال مونودرامية على غرار “الرحلة” و”صاغ سليم”، و”مذكرات سلفي” و”سأموت في المنفى”، و”المصوّر”.
ولن يقتصر المهرجان الدولي للموندراما بقرطاج على العروض المسرحية فحسب بل سيكون مناسبة لإقامة عدد من الورشات حول “تقنيات الحكاية” بإشراف نعومة محلية وورشة عن “الكوميديا المرئية” بإشراف الفنان باولو افاتانيو من إيطاليا و”فن الممثل الواحد” بتأطير مازن غرباوي مدير المهرجان الدولي للمسرح الشباب بشرم الشيخ مصر و”المونودراما بين تقنيات الإلقاء وفنون الأداء” لنزار كشو من تونس و”التجديد في المونودراما” لفاروق صبري من العراق.
وعلى منصة التكريم، يقف المهرجان في تحية وفاء وعرفان لرموز مسرحية راحلة وأخرى باقية هنا على قيد الحياة لتعلي راية الفن على المسارح والأركاح. ومن بين المكرمين في الدورة الأولى من المهرجان الدولي للموندراما بقرطاج نور الدين عزيزة وكمال التواتي ومحمد التسولي وعبد الحق الزوالي من المغرب ومحمد عبد الهادي وسعاد خليل من ليبيا.
ويأتي بعث المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج من أجل تصحيح النظرة السلبية إلى عروض المونودراما أو الوان مان شو حسب تصريح صحفي كان قد أدلى به صاحب الفكرة الفنان إكرام عزوز مؤكدا بقوله “من المؤسف أن تحصر الأحكام المسبقة عروض المونودراما في خانة البحث عن الربح المادي أو استسهال الكوميديا أو الإساءة إلى المسرح… حتى أن بعضهم لا يعتبر «الوان مان شو» مسرحا ! وهذا ليس صحيحا لأن المونودراما فن مسرحي قائم الذات له ميزات وخصوصيات وشروط… وفي تونس كانت لنا تجارب رائعة وأسماء لامعة في هذا الفن على غرار حمادي الجزيري في «أغنيم التم»، و نورالدين بن عزيزة في «التربيع والتدوير» عن نص عز الدين المدني، كما اشتهر محمد إدريس بتقديم عرض «حي المعلم»، وأبدع كمال التواتي في «لرياح» من إخراج طارق بن عبد الله، دون أن ننسى طبعا لمين النهدي ورؤوف بن يغلان وناجية الورغي وزهيرة بن عمار…”.
عز الدين مجوبي ممثل ومخرج مسرحي جزائري ولد في مدينة عزابة بولاية سكيكدة في 30 أكتوبر 1945، ابن محام تعود أصوله إلي حمام قرقور (سطيف). أغتيل في 13 فيفري 1995 بالجزائر العاصمة.
بدأ نشاطه كممثل مع مطلع الستينات بتشجيع من الفنان الراحل علي عبدون، التحق في 1963 بالكونسرفاتوار بالعاصمة وكانت بدايته الفنية بالإذاعة الوطنية بين 1965 و1968، بعد تجربة مميزة في المسرح، حيث شارك في أعمال من الربيرتوار الكلاسيكي قدم عدة أعمال تلفزيونية منها “يوميات شاب عامل” لمحمد افتيسان وفيلم “خريف 1988” لمالك الأخضر حمينة الذي يصور أحداث أكتوبر 1988. وساهم أيضا في إنتاج أعمال مسرحية مع مسارح جهوية منها مسرح بجاية الذي قدم فيها سنة 1994 مسرحية “لحوينتة “عن نص لبوجادي علاوة ونال عليها جائزة أحسن إخراج. وكان له أيضا إسهام في التكوين حيث كان أستاذا في الإلقاء والنطق بالمعهد الوطني العالي للفنون الدرامية، إلى جانب الأداء تقلد الراحل عدة مناصب إدارية فعين مديرا للمسرح الجهوي لباتنة ثم للمسرح الجهوي لبجاية وعين في 1995 على راس مؤسسة المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، وكان هدف الفقيد الوحيد هو النهوض بالمسرح في فترة عصيبة من خلال مشروع طموح لم يمهل الموت الفجائي فرصة لتجسيده. كان بإمكان مجوبي أن يقدم المزيد ويساهم في بناء مسرح متين كمبدع وأيضا كأستاذ في مجال التكوين ليغرف الشباب من خبراته المهنية ويقتدون بأخلاقه العالية وحسه الإنساني الرفيع لو لم تمتد إليه أيادي الغدر لتسكت بطلقة رصاص جبانة هذا الصوت الذي كان يصدح من أجل ازدهار وتقدم وطنه. في 13 فبراير 1995 انطفأت شمعة الفنان أمام مبنى المسرح الوطني الذي طالما أضاءه بإبداعاته وكان قد عين في بداية تلك السنة مديرا له وكان يفكر في مشاريع كثيرة للنهوض بالمسرح وفتح الأبواب أمام المواهب الحقيقة دون إقصاء، رحل الفنان الذي أبدع في كل ما قدم سواء في المسرح عشقه الأول أو في السينما تاركا أعمالا خالدة في سجل أبي الفنون وذاكرة الجمهور. وتحتفظ ثنايا خشبة مسرح الوطني محي الدين بشطرز بأدائه المبهر في مسرحية “حافلة تسير” حيث تفاعل كثيرا مع الدور في مشهد بكاءه بمرارة على فقدان فلذة كبده “نوارة” التي ماتت قبل ان ترى النور و بقيت عبارة “نوارة بنتي” التي كان يرددها من أشهر “اللازمات” (كلمة وجملة يرددها الممثل) في تاريخ المسرح الجزائري، وعرفت مسرحية “حافلة تسير” التي أنتجت سنة 1985 وشاركته في بطولتها دليلة حليلو نجاحا كبيرا وأصبحت علامة مميزة في مسرح تلك الفترة كما شارك مجوبي في عدة أعمال ميزت تلك الفترة كما أخرج مسرحية “غابوا الأفكار” ومسرحية “عالم البعوش” التي نالت نجاحا كبيرا وأخذت جائزة أحسن إخراج في مهرجان قرطاج للمسرح بتونس. كما شارك في المسرحية الشهيرة “بابور غرق” لسليمان بن عيسى وخاض مع زياني شريف عياد وامحمد بن قطاف وصونيا وآخرين تجربة المسرح المستقل في الجزائر بإنشاء “مسرح القلعة” في 1990 أنجز أثناءها “العيطة”، و”حافلة تسير 2”.
وشاءت الأقدار أن يلفظ أنفاسه الأخيرة عند عتبة المسرح ليبقى طيفه ساكنا المكان.
وكالات/ زينـة.ب