أدلى العضو البارز في اللجنة البرلمانية المكلفة بإثراء مشروع قانون الأحزاب النائب البرلماني زكرياء بخير بدلوه، في الجدل المُثار حول المادة 37 التي تنص على تشكل الحزب السياسي من أجهزة وطنية ومحلية يتم انتخابها وتجديدها على أسس ديمقراطية قائمة على قواعد الاختيار الحر، حيث يتكون الحزب السياسي من جهاز مداولة وجهاز تنفيذي يسهران على قيادته على المستوى الوطني وينتخب الحزب هذين الجهازين لفترة مُدتها خمس سنوات كأقصى حد ويمكن تجديدها بصفة متتالية مرة واحدة.
ويشرح النائب لـ “الجزائر الجديدة” أسباب الجدل المُثار، قائلا في مستهل حديثه: “لقد التمسنا من هذا القانون محاولة لأخلقة وضبط العمل السياسي في البلاد، وهناك الكثير من المواد التي ثمناها وأخرى تحفظنا عليها وأخرى حذفناها تماما”، ومن بين المواد التي كثر الحديث بخصوصها المادة 37 التي تتحدث عن “العهدات الانتخابية للهيئات القيادية في الأحزاب وقد تطرقت هذه المادة إلى حصر القيادة لمدة عهدتين متتالين فيما يخص الجهاز التنفيذي وجهاز المداولة ولم تقتصر فقد على رؤساء الأحزاب”.
ووصف المتحدث هذا التوجه بـ “غير المنطقي وغير الواقعي، إذ من غير الممكن أن تختفي قيادة كاملة بعد عشرة سنوات من ممارستها الحزبية لتخلفها قيادة حزبية جديدة على مستوى الجهاز التنفيذي وعلى مستوى المداولة”، لهذا ارتأت اللجنة البرلمانية تعديل هذه المادة وحصر العهدات الانتخابية لرؤساء الأحزاب فقط وهكذا يصبح رئيس الحزب ملزم بعهدتين متتاليتين لا أكثر، وهي ظاهرة صحية إن تمت الصياغة بهذا الشكل.
ويقول النائب عن حركة مجتمع السلم زكرياء بلخير إن “هذا التعديل سيتيح الفرصة أمام القيادات الشابة من أجل الوصول إلى أعلى الهيكل الهرمي في الأحزاب، وتخلص البلاد من ظاهرة شيوخ الأحزاب والسياسة الذين تطاردهم لعنة الكراسي، وهذا التعديل يتماشى كذلك مع التعديل الذي جاء به رئيس الجمهورية من أجل تشبيب الحياة السياسية ودعم الشباب وقد تكرس هذا في المجلس الشعبي الوطني وفي الانتخابات أيضًا”، مشت اللجنة المكلفة بإثراء قانون الأحزاب على نفس الخطى، إذ قامت بتقليص المرحلة العمرية للمؤسس إذ يحق له أن يؤسس حزب وهو في 23 سنة.
وأبدت قيادات حزبية تحفظها على هذه المقترحات باعتبار أن الحزب السياسي ليس مؤسسة إدارية أو رسمية، كما أن تقييد البقاء على رأس التشكيل السياسي بمدة معينة يتعارض مع حرية التعددية السياسية التي يقرّها الدستور، وفي هذا المضمار، قال حزب العمال إن “محرّري مشروع قانون الأحزاب الجديد ينظرون إلى الأحزاب السياسية كمؤسسات اقتصادية أو إدارية تفرض عليها إجراءات لا تمتّ بصلة للعمل السياسي وتضعها تحت رقابة الإدارة المطلقة في المجالات المتعلقة باشتغالها وحتى مبادئها وطبيعتها التي هي من صلاحية مؤسّسيها ومؤتمراتها وقياداتها المنتخبة والمفوضة لاتخاذ القرارات حصريا”.
وذكر الحزب في بيان له تحوز “الجزائر الجديدة” على نسخة منه أن “التعددية الحزبية الأصيلة والنقابات والجمعيات المستقلة هي بمثابة المتاريس والترع التي تحمي البلد من الفوضى حيث هي المؤطرة للمجتمع”.
فيما انتقد الحزب ما وصفه بـ”التوجّه الخطير” وذلك من خلال “شرعنة تسلط الإدارة على العمل الحزبي والحق في التنظيم السياسي المستقل خاصة، ما يتنافى مع تصريحات رئيس الجمهورية الذي أكد أنه لا يرغب في ممارسة التسلط على النشاط الحزبي ويسعى من أجل تكريس الممارسة السياسية الحرة والنزيهة”.
وفي السياق ذاته أظهر السكرتير الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، توجسه من مضمون قانون الأحزاب، وأشار خلال لقائه مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى أن صيغته الأولية لا تعزز إلا سطوة الإدارة وتفرض الوصاية على المجتمع السياسي. معبرا عن أمله العميق أن تتدارك صياغتها النهائية كل الاختلالات المسجلة في هذا الصدد وتفرز نصوصا في مستوى التطلعات الديمقراطية وتجسد حقا التعددية السياسية.
ويعد مقترح تحديد العهدات النقطة الأكثر جدلا في القانون، إذ أنه لا يكتفي بتقييد فترة رئاسة الحزب بل يتعداه إلى الهيئات القيادية الداخلية للحزب، وتعليقه يرى رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، “بأن المادة 37 من هذا القانون ستمنع الكوادر القيادية الذين ناضلوا لمدة 10 سنوات لبناء الحزب، الحق في الترشح لرئاسة الحزب كما توجبهم مغادرة المجلس الوطني للحزب”، وبرأيه فإن “تقييد القادة السياسيين للأحزاب بعهدتين فقط يعني الاستغناء عن النخبة السياسية التي تكونت داخل الحزب”، ووصف هذا التعديل بـ”غير المقبول، والذي يعتبر تدخلا للإدارة في الشأن الداخلي للأحزاب”.
فؤاد ق