لطالما شكل العقار الفلاحي “حجر عثرة” في طريق تحقيق قفزة نوعية في القطاع الفلاحي، حيث دفع عدم الفصل في الإشكالية التي طالب بإيجاد حلول جذرية لها الفلاح الجزائري منذ الاستقلال، مما أدى إلى العزوف عن خدمة الأراضي من طرف المستثمرين وبالتالي عدم الاستغلال الأمثل للإمكانيات الضخمة لهذا القطاع الاستراتجي، ليفصل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في القضية بإسداء أوامر لطي ملف العقار الفلاحي نهائيا وبتسوية ملكية العقار الفلاحي وغلق ملفه قبل نهاية 2025، وذلك خلال إشرافه على إحياء الذكرى الـ 50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين.
وتسعى الدولة الجزائرية منذ تولي الرئيس تبون رئاسة الجمهورية إلى جعل القطاع الفلاحي قاطرة الاقتصاد الوطني بالعمل على توسيع المساحات المزروعة واستغلال كل الإمكانيات والقدرات الوطنية المتاحة في كل ربوع الوطن إلى استغلال المساحات الفلاحية الواقعة شمال الوطن لم تعد تلبي احتياجات الساكنة بفعل تزايد النمو الديموغرافي والتي لا تتجاوز حاليا 08 ملايين هكتار، لتتجه الحكومة إلى خيار استغلال المساحات المزروعة في الجنوب التي تزخر بثروات مائية وشمسية كبيرة سمحت بتحقيق مردود وصل إلى 80 قنطار في الهكتار لدى بعض الفلاحين، وفي هذا الصدد قال رئيس الجمهورية أن “العقار الفلاحي معضلة وارث منذ الاستقلال لكن سنعمل على طي الملف نهائيا خلال السنة القادمة 2025 “، داعيا الوزير الأول ووزير المالية وكافة أعضاء الحكومة إلى العمل مع الفلاحين لإيجاد حل لهذا الملف وإيجاد “ضوابط قانونية لتحديد ملكية الأراضي وحمايتها”.
لم تكتفي السلطات المعنية بالبلاد إصدار الأوامر لإيجاد حلول جذرية للمشاكل التي تعرقل تفعيل دور القطاع الفلاحي في الاقتصاد الوطني فقط، بل وضعت كل الآليات والإمكانيات الممكنة للنهوض بالقطاع، وذلك بعصرنة القطاع من خلال التوجه إلى الزراعة الذكية واستعمال التكنولوجيا الحديثة والاعتماد على الكفاءات الشبانية وأصحاب المؤسسات الناشئة، حيث توجه خطاب رئيس الجمهورية إلى الشباب مباشرة وذلك بحثهم على الاستثمار في المجال الفلاحي بمختلف فروعه واستغلال الكفاءات و التخصصات التقنية من أجل إحداث “نهضة زراعية واسعة”، مؤكدا أن الجزائر جعلت من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثير.
وتابع رئيس الجمهورية في خطابه قائلا: “أشد على أيدي شبابنا الطموح الذي يتوجه إلى الاستثمار في المجال الفلاحي بمختلف فروعه، ونعول عليه بما يمتلك من العنفوان والكفاءة والتخصص في علوم الزراعة وتقنياتها لإحداث نهضة زراعية واسعة، تعكس قدرات وإمكانيات الجزائر التي حباها الله بمقومات البلد الواعد الصاعد”.
وقد لا يختلف اثنان أن ما جاء به خطاب الرئيس فيما يخص طي ملف العقار الفلاحي، يؤكد أن الإستراتيجية الجديدة للدولة ترمي إلى اعتماد الأقطاب الفلاحية حتى يتم تنظيم الشعب وتصويب الدعم والمرافقة العلمية حتى لا تتبعثر الجهود، فالقرارات والإجراءات المتخذة لدعم القطاع الفلاحي تهدف أساسا لـ”إفساح المجال أمام الجيل الجديد من المهندسين الفلاحيين، عن طريق المؤسسات الصغيرة والناشئة، الذين يعول عليهم لإحداث النقلة نحو عصرنة عالم الفلاحة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الإستراتيجية على المدى القريب، خاصة القمح الصلب، والذرة الصفراء والشعير” كون أن التحدي الحقيقي في عصرنا هو تفعيل واستغلال التكنولوجيات الحديثة في إحداث نهضة القطاع الفلاحي وذلك لن يكون إلا بإشراك الشباب في المجال وفتح المجال أمامهم، كونهم العقل المدبر لهذه الإستراتيجية التي ستخرج البلاد من التابعية لقطاع المحروقات وستمكننا من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
فهيمة. ب