أكدت إفتتاحية مجلة الجيش في عددها الأخير، أن الجزائر ورغم المحاولات البائسة للتشويش على دورها ومكانتها القارية، تظل رقما مهما في المعادلة الإفريقية وفاعلا أساسيا في هذا المجال الحيوي.
وتضمنت مجلة الجيش في عددها 739 بعنوان : “ذكرى اليوم الوطني للشاهد في هذا الشهر يذكرنا بالاستغلالات البطولية والتضحيات التي قدمتها شوهادتنا الباسلة من أجل تحرير الوطن والعدوان الهمجي الذي تشنه الغارات الجوية الاستعمارية على قرية ساكيط سيدي يوسف التونسية حيث الدماء اختلط الشعبين الجزائري والتونسي الشقيقين، كما نتذكر من خلال واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية، التفجيرات النووية التي ارتكبها المحتل في صحراءنا”.
وذكرت مجلة الجيش :”جريمة بشعة ستبقى إلى الأبد وصمة لا تمحى على وجه فرنسا الاستعمارية. هذه محطات كثيرة نوقف عليها لاستدعاء الصفحات الرائعة من تاريخ بلادنا المجيد التي ألحقت هزيمة لادعة للمحتل الحاقد بعد واحدة من أعظم ثورات التحرير في العصر المعاصر والتي أصبحت عبرة لكل الشعوب المظلومة بسببها المبادئ والقيم التوجيهية. ثورة ستظل دائما المنارة التي ترشدنا للمضي قدما بحزم وتصميم نحو مستقبل مشع ومزدهر”.
وجاء في الإفتتاحية” استلهاماً من هذه المبادئ الثابتة وقيم ثورتنا المجيدة في علاقاتنا مع شركائنا، بما في ذلك حسن الجوار، وإقامة علاقات ودية وتعاونية في بيئتنا الإقليمية والدولية، فإن الجزائر اليوم، باعتبارها طرفاً فاعلياً رئيسياً في تحقيق التكامل والاستقرار في أفريقيا، تدفع إيلاء اهتمام خاص لتوحيد الصفوف في القارة، اقتناعاً وثيقاً بأن امتدادها الأفريقي وثقلها كقوة إقليمية يدعوها إلى العمل بلا كلل لتحقيق هذا التطلع والمساهمة في الجهود الهادفة إلى تمكين أفريقيا من إرساء سيادتها الكاملة على أراضيها الموارد، بالإضافة إلى استقلالية قراره السيادي. هكذا ستخلص نفسها نهائيا من التراث الثقيل من الاستعمار المسؤول إلى حد كبير عن الوضع المتدهور الذي تمر به القارة. وهذا يتطلب المزيد من التضامن والتآزر بين البلدان الأفريقية وزخما قويا للتنمية الشاملة لقارتنا، التي تحتوي على جميع العوامل التي تمكنها من المضي بعزم على طريق النمو والتقدم والازدهار.
مجلس الأمن يشيد بالدور الجزائري
وفي هذا السياق، أشاد مجلس الأمن الشهر الماضي بدور الجزائر كقيادة أفريقية في منع الإرهاب ومكافحته، مع الاعتراف لأول مرة، بإصرار الجزائر، بالدور الأساسي الذي تلعبه مختلف الآليات الأمنية الأفريقية القائمة. إنجاز يمثل تكريما واعترافا بدوره الرائد في مكافحة آفة الإرهاب وإرساء الاستقرار والأمن في القارة الأفريقية. هذا الاعتراف يزيد من مسؤولية الجزائر حيث أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون هو الناطق باسم إفريقيا في مكافحة الإرهاب وكلف به مهمة متابعة هذا الملف على المستوى القاري. مسؤولية تقيسها الجزائر بالكامل وتتحملها بكل ما يلزم من عزيمة ونكران الذات والثبات. وفي هذا الشأن، تدفعها الإرادة الثابتة للوفاء بالتزاماتها تجاه أفريقيا، حيث أنها لا تزال متعلقة بشدة بعمقها الأفريقي كخيار استراتيجي، من خلال التعاون المثمر والوثيق مع البلدان الأفريقية للاستجابة لأولويات قارتنا من حيث السلام والأمن. والتنمية. اختيار أكده السيد رئيس الجمهورية في كلمته في افتتاح الدورة الحادية عشرة للندوة الرفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا بوهران أوائل ديسمبر 2024، معلنًا فيه: “باستضافتها لهذه الطبعة الحادية عشرة، تؤكد الجزائر مجددا التزامها الثابت بدعم أي مجهود يساهم في التعبير عن اهتماماتنا بأفريقيا بصوت واحد، متوحدًا يوحد ولا يفرق، وسندًا يديم ولا يخيب، وصوتًا يعلو ولا يسقط عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن هموم وقضايا وتطلعات الجميع ولاياتنا متحدة تحت مظلة منظمتنا القارية. ”
وفي هذا الشأن، وفي ظل السياق الإقليمي والدولي غير المستقر الذي يتميز بتضاعف الأزمات والتوترات التي تهدد أمن واستقرار القارة، تواصل الجزائر دعوة الدول الإفريقية إلى ترسيخ مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية التي كانت و سيظل هدفا استراتيجيا بعيدا عن أي تدخل أجنبي أو استقطاب بين القوى الكبرى بهدف زيادة تهميش قارتنا أو حصرها في قاع الهموم الدولية.
لا يمكن أن تكون هناك تنمية بدون استقرار
وأشارت ذات الإفتتاحية :” بأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية بدون استقرار الأمن والاستقرار، تضمن الجزائر من خلال الجيش الوطني الشعبي تفعيل آليات التعاون الأمني وتتولى دورها داخل فضاءها القاري للمساهمة في إرساء الأمن والسلام في قارتنا التي يعاني منها التكرار الأزمات والتوترات. في هذا الشأن أكد السيد الجنرال سعيد شانيجريحة، وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، في كلمة خلال إحدى زياراته للمنطقة العسكرية الرابعة: “الجزائر تقدم باستمرار الدعم للدول الإفريقية، حفاظا على استقرارها وأمنها و رافقهم في ترسيخ وضعهم الأمني، من خلال تفضيل الحلول الداخلية، واحترام سيادة الدول، ورفض أي شكل من أشكال التدخل في شؤونها الداخلية، إضافة إلى المساعدات التي تقدمها في مختلف المجالات، العسكرية والاقتصادية والإنسانية… في هذا الشأن، رغم المحاولات العبثية لتشويه سمعة دورها ومكانتها في القارة، تبقى الجزائر عاملا هاما في المعادلة الإفريقية وفاعل رئيسي في مساحتها الحيوية. ”