افتتح مساء أمس الثلاثاء بغاليري محمد راسم في وسط العاصمة الجزائر ، معرض فني تشكيلي جديد للفنان مجيد ڨمرود تحت عنوان “رحلة بين التقنيات الفنية”، والذي يتواصل إلى غاية 13 فيفري. يضم المعرض حوالي مائة لوحة، تنوعت من حيث الأسلوب والتقنيات المستخدمة، ليأخذ الزوار في رحلة فنية بين مختلف المدارس التشكيلية.
شهد حفل الافتتاح حضور عدد من الشخصيات الفنية والجمعوية المعروفة، من بينهم كمال بلطرش، مراد الباز، باسط بوش، عمر كارنو، سعيد الجامة، ناصر معادان، السيدة بلبشير، أمل ديكار، محمد سعيدي، بن عبد الرحمن، أمين سي حسن، إضافة إلى السيدات خوجة، مترف، حكّار، وبوسلامة.
المعرض تنظمه مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر، ويدعو عشاق الفن لاكتشاف الأعمال الجديدة للفنان الذي يبرز من خلال لوحاته استخدام تقنيات متنوعة، من بينها فن “metal repoussé”، المعروف بتشكيل المعدن بالنقش أو الضغط لإبراز الزخارف على سطحه. يعد هذا الحدث فرصة فريدة للتعرف على أساليب فنية مبتكرة وتجارب تشكيلية ثرية يقدمها الفنان بأسلوبه الخاص.
في هذا المعرض الجديد، يكشف الفنان التشكيلي عن تجربة فنية مبتكرة تعتمد على تقنية استرجاع المعادن، حيث يستعمل النحاس، الحديد، والنحاس الأصفر (الليتون) كدعامات لأعماله، ويضيف إليها لمسته الفنية الخاصة من خلال رسومه وتلويناته، دون اللجوء إلى الألوان التقليدية. يضم هذا القسم ست لوحات تُعد الأولى من نوعها ضمن هذه التقنية، مع إمكانية تنظيم معرض مستقل يخصص بالكامل لاسترجاع المعادن.
يحتوي المعرض على 97 لوحة متنوعة من حيث الأشكال، الأحجام، والتقنيات الفنية. ورغم هذا التنوع، حرص ڨمرود على عدم الإكثار من الأعمال للحفاظ على جودة العرض.
في أحد أجنحة المعرض، يعرض حوالي 25 لوحة تعتمد على تقنيتي النقش وتشكيل المعادن (Metal Repoussé) والزجاج المعشق بالتقنية الباردة (Vitrail à froid).
تتناول هذه اللوحات مواضيع مستوحاة من الطبيعة والحياة، مثل الطاووس، العصفور، السنونو، الإفريقية، زهرة، قدح وكأس، والببغاوان. معظم اللوحات صغيرة الحجم نسبياً، بينما يحتفظ ڨمرود بعدد من اللوحات الكبيرة في المعدن المنقوش، استعداداً لعرضها في معرض خاص مستقبلاً.
يعترف الفنان أن تنفيذ هذه اللوحات يتطلب الكثير من الجهد والوقت، حيث يعتمد على أدوات يدوية بسيطة لكنها فعالة.
أما بقية اللوحات في المعرض فهي محفوظة تحت زجاج الأطر أو منجزة بتقنية الأكريليك على القماش، وهي التي تحمل بصمة مجيد ڨمرود المميزة. من النظرة الأولى إلى ألوانها الزاهية وخطوطها المتقنة، يدرك الزائر أنها من إبداع هذا الفنان.
مجيد قمرود أصيل مدينة الجزائر العاصمة، العاصمة البيضاء المحروسة، وهو خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر سنة 1992. يُعدّ واحدًا من أبرز الأسماء في الساحة الفنية الجزائرية المعاصرة. يتقن قمرود العديد من التقنيات الفنية، منها الرسم، الحفر، الحرق على الخشب (البيروغرافيا)، الرسم الصحفي، الجداريات، وإعادة تدوير المواد. يتميّز أسلوبه الفني بالرمزية المرتبطة بالثقافة الجزائرية، حيث يعتمد في أعماله على “الوشم” (Awchem) كرمز يعبر من خلاله عن الهوية والذاكرة الجماعية.
إبداع مستوحى من التراث والحداثة
في أعماله، يحتفي قمرود بالحياة، المرأة، والتقاليد بأسلوب يمزج بين الاحتفاء التراثي والرؤية الحديثة. من أبرز لوحاته “وجهات النظر”، التي تروي مشهدًا يعكس حوار الأفكار بين زوار إحدى قاعات العرض. لوحاته ليست مجرد ألوان وأشكال، بل هي رحلة بصرية تسبر أغوار التاريخ والموروث الثقافي الجزائري، مستلهمة من أساتذته وتجربته الفنية الطويلة.
جوائز وتكريمات
منذ عام 1988، شارك الفنان في العديد من المعارض داخل الجزائر وخارجها، حيث اقتُنيت أعماله من قبل مؤسسات ثقافية وجامعي أعمال فنية. نال عدة جوائز مرموقة، منها الجائزة الكبرى لمدينة الجزائر وجائزة عائشة حداد.
التعليم والتأثير
إلى جانب نشاطه الفني، يعمل الفنان كأستاذ في مؤسسات عامة وخاصة، حيث أسهم في تكوين أجيال جديدة من الفنانين. يُشجّع طلابه على الابتكار والتجريب مع الحفاظ على روح التراث.
مساهمات ثقافية بارزة
يُشارك مجيد قمرود بانتظام في تنظيم فعاليات ثقافية كمنسق أو عضو لجنة تحكيم، ومن أبرز هذه الفعاليات، صالون رسامي الرموز
صالون “فن التدوير” (Récup’Art) المخصص للفن المعاد تدويره
صالون الهواة وجامعي الأعمال الفنية
معارض حديثة
مؤخرًا، شارك في معرض “حوار الحضارات” الذي نظمته مؤسسة فنون وثقافة في قاعة العرض عائشة حداد من 24 جويلية إلى 4 أوت2024، بهدف تعزيز قيم الحوار والتقارب بين الثقافات من خلال الفن.
خليل عدة