استعرض الدكتور ايلي حاتم، المُحامي أمام محكمة العدل الدُولية والمستشار السياسي بباريس خلفيات الأزمة الجزائرية الفرنسية بأشكالها المتنوعة، محملا “اليمين المتطرف مسؤولية دخول العلاقات الجزائرية الفرنسية نفق مُظلم”، وقال في حوار مع “الوطنية تي في” إنه “يعمل لصالح الكيان الصهيوني”، مشيرا في السياق ذاته إلى أن “وسائل الإعلام التقليدية تسعى جاهدة إلى تأزيم العلاقات بين البلدين”.
وللتدليل على هذه المُعطيات، شرح الدكتور ايلي حاتم قائلا إن “هناك مشاكل افتعلت مؤخرًا، وهي تأتي من طرف أطراف أو مجموعات تعمل لصالح جهات خارجية وهو لا يخدم المصلحة الفرنسية بل يخدم المصالح الأجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني اللذان يسعيان نحو إضعاف التواجد الفرنسي في العالم ولا سيما في العالم الفرنكفوني”.
والدليل على ذلك، حسب المتحدث “غُروب شمس فرنسا في إفريقيا، فالقارة السمراء لم تعد تلك القارة التي عرفها العالم في حقبة ما بعد الاستعمار كما لم تعد النموذج الذي يتطلعُ إليه الأفارقة، وقبل ذلك فقدت تواجدها في الشرق الأوسط خاصة في سوريا ولبنان”، واليوم وعلى ما يبدو أن “اليمين المتطرف أو القوى اليمينية الجديدة تعمل لمصالح أجنبية هدفها الوحيد هو الحاق الأذى بالمصالح الفرنسية”، وهُنا يجب التذكير حسب الدكتور إيلي حاتم بأن “العلاقة بين الجزائر وفرنسا هي علاقة وطيدة”.
وبحسب المحلل السياسي فإن “وسائل الإعلام التقليدية الفرنسية هي من تسعى إلى تأزيم العلاقة بين البلدين لأن الجميع يعلم من يُسيطرُ على مفاصلها في الوقت الذي تعالت فيه أصوات فرنسية تدعو إلى تصحيح المسار قبل فوات الأوان، ونذكر على سبيل المثال إريك كوكريل، النائب ورئيس لجنة المالية بالجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان) والمنتمي لحزب “فرنسا الأبية المعارض الذي قال إن ما تقوم به بلاده مع الجزائر خطأ تاريخي”.
كذلك يُمكن الإشارة إلى التصريحات التي أدلى بها دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي في عهد الرئيس السابق جاك شيراك الذي دعا في عدة مناسبات إلى اعتماد مُقاربة جديدة مع الجزائر تقوم على الاحترام والندية، وبعض الساسة على حد قوله جعلوا الجزائر “كبش فداء” للتغطية على المشاكل الداخلية، وفتح لدى نُزوله ضيفًا على القناة الإخبارية “بي.أف.أم.تي.في” النار على وزير الداخلية، برونو روتايو، وخلال رده على أسئلة الصحفي، قال دوفيلبان: “المشاكل مع الجزائر لا تحل بتصريح في نشرة الثامنة لقناة تي.أف1″، مضيفا: “بحكم تجربتي الدبلوماسية، أؤكد لكم أن القبضة الحديدية لا تجدي نفعا، خاصة مع دولة مثل الجزائر، حيث الحس الوطني متجذر، أضف إلى ذلك أننا تربطنا بها قصة أليمة”.
وقد ذكر دومينيك دون فيلبان في تصريحاته حسب المحلل السياسي إيلي حاتم بـ “السياسة التي انتهجها الجنرال شارل ديغول وأيضا بسياسة الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتيران وضرورة العودة إلى السياسية التي تبناها ثلاثتهم القائمة، فالشراكة التي تبناها مثلا جاك شيراك ترتكز على أربعة محاور هي الحوار السياسي المنتظم، وتعزيز التعاون الثنائي في خدمة الإصلاحات في الجزائر، وإقامة علاقات اقتصادية معمقة، وتحسين ظروف تنقل الأشخاص.
وتوعدت الجزائر في الساعات الأخيرة بعواقب غير محسوبة للسياسات الفرنسية تجاهها، وقد ردت، أول من أمس، على تصريحات بايرو، محذرة باريس من أي مساس باتفاقية الهجرة والإقامة وتنقل الأشخاص لعام 1968، التي ترى الجزائر أصلاً أنها أفرغت من مضمونها.
وشدّدت الخارجية الجزائرية في بيان على رفض الجزائر “رفضاً قاطعاً مُخاطبتها بالمُهل والإنذارات والتهديدات”، محذرة الجانب الفرنسي من “أن أي مساس باتفاقية 1968 التي جرى أصلاً إفراغها من كل مضمونها وجوهرها، سينجر عنه قرار مُماثل من الجزائر بخصوص الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى من ذات الطبيعة”. وأشارت الوزارة إلى ضرورة “احترام وحدة الترسانة القانونية التي تؤطر حركة الأشخاص بين الجزائر وفرنسا، دون انتقائية ودون تحوير عن المقاصد التي حدّدتها الجزائر وفرنسا بشكل مشترك لهذه القوانين”.
وحذرت الخارجية الجزائرية من أنها سترد بقرارات مماثلة وحازمة على أي تصرف فرنسي، وستعمل “على تطبيق المعاملة بالمثل بشكل صارم وفوري على جميع القيود التي تُفرض على التنقل بين الجزائر وفرنسا، دون استبعاد أي تدابير أخرى قد تقتضي المصالح الوطنية إقرارها”. كما علّق مجلس الأمة الجزائري العلاقات مع مجلس الشيوخ الفرنسي.
فؤاد ق