واصل وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، لعب ورقة التهدئة مع الجزائر بعد اختفائه لمدة، وعاد ليقول إن باريس تريد استعادة “العلاقات الجيدة” مع الجزائر، والتي دخلت نفقا مظلما منذ الصائفة المنصرمة في أعقاب التغير الذي حصل في الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية.
وأوضح نويل بارو خلال أسئلة وجهت إليه في الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان): “بطبيعة الحال، تتطلع فرنسا إلى إقامة علاقات جيدة مع الجزائر، وهي دولة مجاورة تربطنا بها علاقات وثيقة. ولكي يحدث هذا، يجب أن تهدأ العلاقات. لكن التهدئة لا يمكن أن تصدر من جانب واحد”.
وعبر رئيس الدبلوماسية الفرنسية عن أمله في أن “تبدأ السلطات الجزائرية مرحلة جديدة” من العلاقات الثنائية من خلال معالجة مشكلة الهجرة، وفق ما جاء في تصريحات أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء 11 مارس الجاري، في تصور قاصر للأزمة السياسية والدبلوماسية التي تعصف بالعلاقات الثنائية، لأن الجزائر ترى أن لب المشكلة يكمن في موقف باريس من القضية الصحراوية.
وبرأي وزير الخارجية الفرنسي فإن “فرنسا ليست هي السبب في ما يحصل بين البلدين”، مركزا على قضية سجن الكاتب الفرنسي بوعلام صنصال وكذا قضية الهجرة، وقال “ليست فرنسا هي التي تقف وراء الاعتقال التعسفي للكاتب الفرنسي الجزائري. وليست هي التي ترفض إعادة المواطنين الفرنسيين الموجودين في وضع غير نظامي على الأراضي الجزائرية” .
واقتصرت نظرة المسؤول الفرنسي على ما يزعج باريس وتجاهل تماما ما تندد به الجزائر من قرارات يتعين على الطرف الفرنسي تحمل مسؤوليتها، في دبلوماسية موغلة في الأنانية السياسية، بحيث لم يتجرأ على طرح كل المشاكل العالقة من الجانبين والتعهد بالعمل من أجل إيجاد حلول لها.
كما تحدث الوزير الفرنسي عن لقاء قريب مع ممثلي الجالية الجزائرية في فرنسا، والتي قال إنه يحرص على أن لا تتأثر بالأزمة التي تعيشها العلاقات الثنائية: “الآلاف من الأشخاص في فرنسا المرتبطين بطريقة أو بأخرى بالجزائر والذين لا علاقة لهم بالأزمة، لا ينبغي أن يعانوا من التمييز”.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسية في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الفرنسية لإرسال “قائمة بأسماء المواطنين الجزائريين الذين يعتزمون ترحيلهم من الأراضي الفرنسية”، وفق كلام الوزير، الذي عبر عن أمله في أن “تتولى السلطات الجزائرية هذه القائمة وبالتالي تبدأ مرحلة جديدة في علاقاتنا تسمح لنا بحل خلافاتنا وبدء التعاون الاستراتيجي المحتمل”.
وسبق لرئاسة الحكومة الفرنسية أن تحدثت عن القائمة وربطت ذلك بمهلة زمنية من أجل حل المشاكل العالقة، غير أن رد الخارجية الجزائرية كان شديد اللهجة، وحذر من رد عنيف قد يطال ملفات أخرى لم تثرها السلطات الفرنسية، وهو الرد الذي قد يكون وراء تخفيف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للهجة مع الجزائر، مكذبا رئيس وزرائه ووزير داخلية، مؤكدا بأنه لا توجد مهلة في هذا الإطار.
علي .ب