استغل وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، الظروف الصعبة التي تعيشها العلاقات الجزائرية الفرنسية والتي تفاقمت بإيقاف بوعلام صنصال، ليجدد مطالبه بضرورة “إعادة النظر” في “اتفاق الهجرة” لسنة 1968 مع الجزائر، بداعي أن هذه الاتفاقية لم تعد مفيدة لفرنسا فقط، بل ضارة لها على حد زعمه.
وأمام أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الأربعاء 27 نوفمبر، هاجم برونو روتايو “اتفاقية 1968” التي تمنح كما هو معلوم الجزائريين تسهيلات في الدراسة والإقامة والعمل داخل فرنسا، وهي الحقوق التي اعتبرها روتايو “مفرطة”، وذلك بالرغم من أنه تعرض للتعديل ثلاث مرات.
وعلى مدار أشهر عديدة، جعل اليمين الفرنسي المتطرف من اتفاقية 1968 هدفا لسهامه المسمومة، وقادها السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر، كزافيي دريانكور، الذي تحول فجأة إلى منظر للتيارات اليمينية المتطرفة في فرنسا، في كل ما يتعلق بالعلاقات الجزائرية الفرنسية.
واختار المسؤول الفرنسي الظرف الذي يعتقد أنه مناسب للدعوة لمراجعة هذه الاتفاقية، حيث توجد العلاقات الثنائية في أسوأ فتراتها منذ أن قرر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تغيير موقف بلاده من القضية الصحراوية بشكل استعراضي، بشكل يخدم مزاعم نظام المخزن المغربي، الصائفة الماضية، وهو الموقف الذي دفع بالطرف الجزائري إلى سحب سفيره من باريس وتخفيض التمثيل الدبلوماسي إلى مستوياتها الأدنى.
ويزعم وزير الداخلية الفرنسي أن فرنسا قدمت يجب عليها فعله من دون أن يشير إلى تفاصيل ذلك: “لقد مددنا اليد مرات عديدة، وربما حان الوقت ليتحمل كل طرف مسؤولياته بمفرده”. ولم يسبق للجزائر أن علقت على مثل هذه المطالب، علما أن محاولة من هذا القبيل تم إحباطها على مستوى البرلمان الفرنسي، فيما يؤكد الخبراء أن مراجعة هذه الاتفاقية من شأنه أن يضع اتفاقيات إيفيان على المحك.
وأشار المسؤول الفرنسية إلى أن بلاده تمنح أكثر من 200 ألف تأشيرة للجزائريين، بينما لا يُقبل سوى ألفا تصريح قنصلي لعودة المهاجرين غير الشرعيين، وقد وصف ذلك بـ”الفرق الواضح في التدفق”، وهو فارق يبرز بشكل أكبر في ضوء أن 40 بالمائة من المحتجزين في مراكز الاحتجاز الإدارية في فرنسا يحملون الجنسية الجزائرية، وهي أرقام رفضت الجزائر الإقرار بصدقيتها.
ولا تشاطر الأغلبية البرلمانية التي يمثلها اليسار، المطالب اليمينية الفرنسية بمراجعة اتفاقية 1968، فقد رفضت النائبة الاشتراكية كورين ناراسيغين، الطروحات اليمينية على هذا الصعيد، وقالت إن العلاقة بين فرنسا والجزائر تتجاوز بكثير مسألة الاتفاقات المتعلقة بالهجرة. كما يحذر سياسيون فرنسيون من تداعيات استهداف الجزائريين في فرنسا، على الجالية الفرنسية المتواجدة على التراب الجزائري، في حال اللجوء إلى مبدأ المعاملة بالمثل.
علي. ب