بدأت نهاية شهر العسل تقترب من العلاقة بين وزير الداخلية الفرنسي، برينو روتايو، وداعميه في اليمين المتطرف، وفي مقدمتهم حزب “التجمع الوطني”، الذي كان يحمل تسمية “الجبهة الوطنية”، التي أسسها جون ماري لوبان، ولا تزال عائلته تدير هذا الحزب حتى اليوم من خلف الستار، وإن أصبح قائده شخصية أخرى تنحدر أصولها من الجزائر، وهو جوردان بارديلا.
ومعلوم أن برينو روتايو ينتمي إلى اليمين التقليدي الديغولي، الذي يمثله حزب “الجمهوريون”، ومان كان وزير الداخلية الفرنسي حاليا، ليتبوأ هذه الحقيبة لولا الدعم الذي لقيه من حزب اليمين المتطرف “التجمع الوطني”، غير أن التطورات غير السارة بالنسبة للفرنسيين والتي تطبع العلاقات بين الجزائر وباريس، باتت تهدد العلاقة بين روتايو واليمين المتطرف.
وبالنسبة لجوردان بارديلا، فإن وزير الداخلية فشل في المهمة التي جاء من أجلها على رأس وزارة الداخلية، وهي قمع الجزائريين وترحيلهم من حيث أتوا، بدليل أن روتايو اعترف بنفسه بأن عشرة حالات من عمليات الترحيل باتجاه الجزائر والتي أشرف عليها هو شخصيا فشلت كلها، حيث رفضت السلطات الجزائرية استقبالهم جميعا وأعيدوا على متن الطائرات التي أقلتهم في اليوم ذاته.
وقال رئيس “التجمع الوطني” جوردان بارديلا، غداة الهجوم المميت بسكين في مدينة ميلوز بشمال شرق فرنسا، إن وزير الداخلية برونو روتايو “يقوم بالكثير من الاتصالات، لكن عليه الآن أن ينجز (ما جاء من أجله) أو يرحل”، في إشارة إلى نفاذ صبر الحزب اليميني المتطرف من الفشل المتراكم لوزير داخلية بلاده في التعاطي مع الهجرة ومع المهاجرين الجزائريين على وجه التحديد، باعتبارهم المستهدفين رقم واحد من قبل عائلة لوبان ومحيطها.
ويضيف جوردان بارديلا: “في كل مرة، وبشكل منهجي، نفس الشخصيات، نفس المواصفات، الأشخاص الذين يتم إدراجهم، والذين يتم مراقبتهم لقربهم من الأصولية الإسلامية والذين لا نطردهم من الأراضي الفرنسية “، والمغزى من وراء هذه العبارات والمستهدف واضح، وهو فشل برونو روتايو في إنجاز ما كان ينتظره منه اليمين المتطرف، على رأس وزارة الداخلية.
كما هاجم النائب عن الحزب اليميني المتطرف، جان فيليب تانجي، وزير الداخلية على إذاعة فرنسا الدولية، واعتبر ذلك بمثابة “تأييد لفظي لسياسة ماكرونية لا تتغير”. غير أنه بالنسبة للحكومة فالأمر مغاير، فهي لا ترى روتايو أفلس حتى يقدم استقالته، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم قصر “الماتينيون”، صوفي بريما: “يظهر برونو روتايو تصميمًا كبيرًا وإرادة عظيمة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على النظام. (…) قد يكون التجمع الوطني (حزب لوبان) خائفا” منه.
وكان برونو روتايو جاء إلى الحكومة الفرنسية بعد الانتخابات التشريعية التي جرت الصائفة المنصرمة والتي خسرها حزب ماكرون، ما اضطره إلى التحالف مع اليمين من أجل ضمان استمراره (ماكرون) في السلطة، وإن كان روتايو ينتمي إلى اليمين التقليدي، إلا أن أفكاره أبعد ما تكون عن الحزب الذي ينتمي إليه “الجمهوريون”، بل إلى اليمين المتطرف “التجمع الوطني”، بدليل تصويت هذا الحزب على حكومة ميشال بارنيي السابقة، التي جاءت بوزير الداخلية الحالي.
علي. ب