مثلما كان متوقعا، انتكست العلاقات الجزائرية الفرنسية مجددا، في تطور كان منتظرا ويكشف عدم جدية الفرنسيين في الذهاب بعيدا في تصفية الأجواء والعودة بالعلاقات الثنائية إلى سابق عهدها. فقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الاثنين أن الجزائر قررت طرد 12 موظفا بالسفارة الفرنسية في الجزائر.
وقال الوزير الفرنسي إن القرار جاء ردا على اعتقال ثلاثة مواطنين جزائريين في فرنسا، في رسالة مشفرة للفرنسيين مفادها أن وزير الداخلية، برونو روتايو، هو من يتحمل مسؤولية عودة العاقات الثنائية إلى الانتكاسة، باعتباره مسؤولا عن مديرية الأمن الداخلي، التي أشرفت على التحقيقات، وقادتها إلى ما وصلت إليه الأمور.
وأوردت وكالة الأنباء الفرنسية أن من بين العناصر الإثني عشر، بعضهم موظفون مدنيون في وزارة الداخلية. وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد نددت، يوم السبت، بـ”الحجة المغلوطة والواهية” التي ساقتها وزارة الداخلية الفرنسية. كما انتقدت ما اعتبرتها “مؤامرة قانونية غير مقبولة” تستند “على حقيقة وحيدة مفادها أن الهاتف المحمول للموظف القنصلي المتهم كان موجودا بالقرب من عنوان منزل الموظف” مؤثر فار من العدالة الجزائرية.
وتأوي فرنسا العديد من الموصوفين بالمؤثرين والمعارضين، وترفض تسليمهم للجزائر، كما فتحت الباب مشرعا كي يمارسوا التضليل ومهاجمة الجزائر بدون سبب أو مبررات مقنعة، وهذا يتعارض مع القوانين والأعراف، التي تفرض على حاملي جواز السفر الكف عن ممارسة السياسة من الدولة التي تحتضنه تحت طائلة سحب الحماية.
وقبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، كانت الجزائر قد حذرت من أن “هذا التطور الجديد غير المقبول من شأنه أن يلحق ضررا كبيرا بالعلاقات الجزائرية الفرنسية”، علما أن الجزائر كانت قد وجهت مرارا وتكرارا العديد من الإنابات القضائية لفرنسا من أجل تسليم من تدافع عن فرنسا، والذي وصفته الخارجية الجزائرية بـ “المارق”.
وقد خلف طرد الجزائر لـ 12 موظفا بسفارة فرنسا في الجزائر، حالة من الشعور بالمهانة بين أوساط سياسيين فرنسيين، ومنهم النائب اليميني لوران فوكيي، المرشح لرئاسة حزب “الجمهوريون”، بما وصفه “الإذلال الجديد”. وطالب حكومة بلاده “بالدفاع عن شرف فرنسا”.
وتشتبه الجزائر في أن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، هو من يقوم بتسميم العلاقات الثنائية، وكان لقاؤه بقناة “آل سي إي” الخاصة ليلة الأحد إلى الإثنين، القطرة التي أفاضت الكأس، وكانت من بين الأسباب التي عجلت بطرد 12 موظفا بالسفارة، حيث عاد على طبيعته القديمة مهاجما الجزائر بشكل فج.
ولم تمض إلا بضع ساعات حتى أوردت صحيفة “لوفيغارو” اليمينية والمقربة من روتايو، خبر قرار الجزائر طرد 12 موظفا من سفارتها في باريس، كما حمل تصريح وزير الخارجية الفرنسي، نظيره في الحكومة روتايو، ضمنيا مسؤولية انهيار التقارب بين البلدين، عندما قرن سجن الجزائريين الثلاثة في فرنسا بقرار الطرد.
علي. ب